للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ أَنَّ الِانْتِفَاخَ حَمْلٌ فَلَا تُوجِبُ بِالشَّكِّ وَإِنْ أَلْقَتْ الْجَنِينَ حَيًّا فَعَاشَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقْتَصِّ، لَكِنْ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا، وَبَقِيَ خَاضِعًا ذَبْلًا زَمَانًا يَسِيرًا، ثُمَّ مَاتَ؛ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ إذَا وَضَعَتْهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ مِثْلَهُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا فِي وَقْتٍ لَا يَعِيشُ مِثْلَهُ، وَهُوَ مَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (ضَمِنَ) الْمُقْتَصُّ (جَنِينَهَا) بِالْغُرَّةِ.

وَهُوَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي دِيَةِ الْجَنِينِ، وَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْ أُمِّهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْحَمْلَ دُونَ السُّلْطَانِ أَوْ عَلِمَهُ مَعَ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ مِنْ أُمِّهِ حَالَةَ الْحَمْلِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا، وَلِأَنَّ الْمُقْتَصَّ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِتَلَفِ الْجَنِينِ، وَالسَّبَبُ هُنَا غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ، وَيَكُونُ وُجُوبُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ الْغُرَّةِ مَعَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُقْتَصِّ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلُ نَفْسٍ.

[فَصْلٌ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ]

فَصْلٌ

(وَيَحْرُمُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ) ؛ لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ، وَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ مَعَ قَصْدِ التَّشَفِّي (وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (تَعْزِيرُ مُخَالِفٍ) اقْتَصَّ بِغَيْرِ حُضُورِهِ؛ لِافْتِئَاتِهِ بِفِعْلِ مَا وَقَعَ مِنْهُ (وَيَقَعُ) فِعْلُهُ (الْمَوْقِعَ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ.

(وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (تَفَقُّدُ آلَةِ اسْتِيفَاءِ) قَوَدٍ (لِيَمْنَعَ مِنْهُ) ؛ أَيْ: الْقَوَدِ (بِ) آلَةٍ (كَالَّةٍ) لِحَدِيثِ: " إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ".

وَالِاسْتِيفَاءُ بِالْكَالَّةِ تَعْذِيبٌ لِلْمَقْتُولِ (وَيَنْظُرُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (فِي الْوَلِيِّ) لِلْقَوَدِ (فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ) الْقِصَاصِ (وَيُحْسِنُهُ، مَكَّنَهُ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣]

وَلِحَدِيثِ: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>