وَعْدًا أَوْ الْتِزَامًا، فَنَذْرٌ، وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ الْحَالِ فَفِيهِ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ، وَجَهْلٌ بِحَقِيقَةِ حَالِهَا انْتَهَى.
(وَيَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ كَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَمَضَانَ) وَنَحْوِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": إنَّهُ يَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِكَفَّارَةِ يَمِينٍ إنْ تَرَكَهُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ؛ فَإِنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": مَا وَجَبَ بِالشَّرْعِ إذَا نَذَرَهُ الْعَبْدُ، أَوْ عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ، أَوْ بَايَعَ عَلَيْهِ الرَّسُولَ أَوْ الْإِمَامَ، أَوْ تَحَالَفَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ تَقْتَضِي لَهُ وُجُوبًا ثَانِيًا غَيْرَ الْوُجُوبِ الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ وَاجِبًا مِنْ وَجْهَيْنِ، وَيَكُونُ تَرْكُهُ مُوجِبًا لِتَرْكِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ وَالْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ.
هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ (فَيُكَفِّرُ نَاذِرٌ إنْ لَمْ يَصُمْهُ) ؛ أَيْ: مَا نَذَرَهُ مِنْ الْوَاجِبِ (كَحَلِفِهِ عَلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ رَمَضَانَ ثُمَّ لَمْ يَصُمْهُ؛ فَيُكَفِّرُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.
قَالَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا التَّغْلِبِيُّ، وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي وَاجِبٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامُ، (مَا) هُوَ لَازِمٌ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: (لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُحَالِ) لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ؛ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَتَقَدَّمَ.
[أَنْوَاعُ النَّذْرِ الْمُنْعَقِدَةُ سِتَّةٌ]
(وَأَنْوَاعُ النَّذْرِ الْمُنْعَقِدَةُ سِتَّةٌ) (أَحَدُهَا) : النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ) كَقَوْلِهِ (لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ) ، أَوْ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تُخَصَّصُ بِمَحَلٍّ أَوْ زَمَنٍ، وَفِعْلِهِ؛ أَيْ: مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ نَذْرَهُ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إذَا لَمْ يُسَمِّ كَفَّارَةَ يَمِينٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
النَّوْعُ (الثَّانِي نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ، وَهُوَ تَعْلِيقُهُ) ؛ أَيْ: النَّذْرِ بِهِ (بِشَرْطِ قَصْدِ الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ) أَوْ بِقَصْدِ الْحَمْلِ؛ أَيْ: الْحَثِّ عَلَيْهِ، وَالتَّصْدِيقِ إذَا كَانَ خَبَرًا.
فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ: (إنْ كَلَّمْتُك فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الصَّوْمُ سَنَةً، أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute