مَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْجَمْعُ (فَالْأَدْيَنُ) مِنْ الدَّاعِينَ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدِّينِ (فَالْأَقْرَبُ رَحِمًا) لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَتِهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ وَعَدَمِهَا؛ (فَ) الْأَقْرَبُ (جِوَارًا) لِحَدِيثِ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعًا: «إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أُجِيبَ أَقْرَبُهُمَا بَابًا، فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا» وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبِرِّ، فَقُدِّمَ لِهَذِهِ الْمَعَانِي (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ (أَقْرَعَ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهَا تُمَيِّزُ الْمُسْتَحِقَّ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحُقُوقِ.
[فَصْلٌ حُكْم إجَابَة الْوَلَائِم غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لأهل الْعِلْم]
فَصْلٌ (يُكْرَهُ لِأَهْلِ فَضْلٍ وَعِلْمٍ إسْرَاعُ الْإِجَابَةِ) إلَى الْوَلَائِمِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّسَاهُلُ فِيهِ (لِأَنَّ فِيهِ بِذْلَةً وَدَنَاءَةً) وَشَرُّهَا (وَلَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ ذَرِيعَةً لِلتَّهَاوُنِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ. وَمَنَعَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ إجَابَةِ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُفَاخِرٍ بِهَا، أَوْ فِيهَا مُبْتَدِعٌ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَةٍ إلَّا لِرَادٍّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهَا مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَإِلَّا يَكُنْ مُضْحِكًا بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يُجِيبَ إذَا كَانَ يُضْحِكُ قَلِيلًا (وَكَرِهَ الشَّيْخُ عَبْدِ الْقَادِرِ) قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ (حُضُورَ) الْوَلَائِمِ مُطْلَقًا (غَيْرَ وَلِيمَةِ عُرْسٍ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَ كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُمْنَعُ الْمُحْتَاجُ وَيَحْضُرُ الْغَنِيُّ.
وَتَقَدَّمَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيَهَا، وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا» .
وَفِي التَّرْغِيبِ إذَا عَلِمَ حُضُورَ الْأَرْذَالِ وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تَزْرِي بِمِثْلِهِ؛ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَقَدْ أَطْلَقَ الْوُجُوبَ، وَاشْتَرَطَ الْحِلَّ وَعَدَمِ الْمُنْكَرِ وَأَمَّا هَذَا الشَّرْطُ فَلَا أَصْلَ لَهُ كَمَا أَنَّ مُخَالَطَتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute