[فَصْلٌ يَحْرُمُ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ]
(فَصْلٌ) (وَيَحْرُمُ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ) ، لِرُجُوعِ أَمْرِ الْحَرْبِ إلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّتِهِ وَمَكَامِنِهِ وَكَيْدِهِ، (إلَّا أَنْ يَفْجَأَهُمْ عَدُوٌّ) مِنْ الْكُفَّارِ (يَخَافُونَ طَلَبَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ: شَرَّهُ وَأَذَاهُ، فَيَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِلَا إذْنِهِ،
لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ
، وَلِذَلِكَ، «لَمَّا أَغَارَ الْكُفَّارُ عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَادَفَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ خَارِجًا عَنْ الْمَدِينَةِ تَبِعَهُمْ، فَقَاتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، فَمَدَحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: خَيْرُ رِجَالِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، وَأَعْطَاهُ سَهْمَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ» (أَوْ) عَرَضَتْ لَهُمْ (فُرْصَةٌ يَخَافُونَ فَوْتَهَا) بِتَرْكِ الِاسْتِئْذَانِ، (فَإِنْ دَخَلَ قَوْمٌ) ذُو مَنَعَةٍ أَوَّلًا، (أَوْ دَخَلَ وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدًا دَارَ حَرْبٍ بِلَا إذْنِ) إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ، (فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ، لِعِصْيَانِهِمْ) بِالِافْتِئَاتِ عَلَى الْإِمَامِ، لِطَلَبِ الْغَنِيمَةِ، فَنَاسَبَ حِرْمَانَهُمْ.
(وَإِنْ بَعَثَ إمَامٌ جَيْشًا) أَوْ سَرِيَّةً (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، فَقُتِلَ) الْأَمِيرُ (أَوْ مَاتَ، فَلِلْجَيْشِ أَنْ يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) «كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَيْشِ مُؤْتَةَ لَمَّا قُتِلَ أُمَرَاؤُهُمْ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضِيَ أَمْرَهُمْ، وَصَوَّبَ رَأْيَهُمْ، وَسَمَّى خَالِدًا يَوْمَئِذٍ سَيْفَ اللَّهِ» (فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْإِمَارَةُ دَافَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ) ، وَأَظْهَرُوا التَّجَلُّدَ وُجُوبًا، لِئَلَّا يَطْمَعَ بِهِمْ الْعَدُوُّ.
(وَلَا يُقِيمُوا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ بِلَا أَمِيرٍ وَلَا يُؤَخَّرُ جِهَادٌ، لِعَدَمِ إمَامٍ) ، لِئَلَّا يَسْتَوْلِيَ الْعَدُوُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَظْهَرَ كَلِمَةُ الْكُفْرِ.
(فَإِنْ حَصَلَتْ غَنِيمَةٌ قَسَمُوهَا عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ) ، كَمَا يُقَسِّمُهَا الْإِمَامُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَالَ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى: (وَتُؤَخَّرُ قِسْمَةُ الْإِمَاءِ حَتَّى يَقُومَ إمَامٌ) ، فَيُقَسِّمُهَا (احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ، وَمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute