للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (اشْتَرَى الْعَامِلُ) الَّذِي أَخَذَ مَالًا (لِاثْنَيْنِ بِرَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الِاثْنَيْنِ - وَهُوَ الْمِائَةُ فِي الْمِثَالِ - (أَمَةً أَوْ نَحْوَهَا) كَعَبْدَيْنِ أَوْ فَرَسَيْنِ، (وَاشْتَبَهَا) - أَيْ الْأَمَتَانِ أَوْ الْعَبْدَانِ أَوْ الْفَرَسَانِ - وَلَمْ تَتَمَيَّزَا فَقَالَ الْمُوَفَّقُ (فِي " الْمُغْنِي " يَصْطَلِحَانِ) عَلَيْهِمَا؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ حِنْطَةٌ، فَانْثَالَتْ عَلَيْهَا أُخْرَى، (وَقِيلَ) ؛ أَيْ: قَالَ الْقَاضِي: فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِيهِمَا؛ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَتُبَاعَانِ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا رِبْحٌ دَفَعَ إلَى الْعَامِلِ حِصَّتَهُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَالثَّانِي (يَضْمَنُ) الْعَامِلُ (رَأْسَ مَالِ كُلٍّ) مِنْ الْمَالِكَيْنِ، (وَتَصِيرَانِ) - أَيْ الْأَمَتَانِ - (لَهُ) - أَيْ لِلْعَامِلِ - وَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَالْأَوَّلُ - أَيْ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ - أَوْلَى؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، فَلَا يَزُولُ الِاشْتِبَاهُ عَنْ جَمِيعِهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ، وَلِأَنَّنَا لَوْ جَعَلْنَاهُمَا لِلْمُضَارِبِ أَدَّى إلَى أَنْ يَكُونَ تَفْرِيطُهُ سَبَبًا بِالرِّبْحِ وَحِرْمَانِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ، وَعَكْسُ ذَلِكَ أَوْلَى، وَإِنْ جَعَلَاهُمَا شَرِيكَيْنِ أَدَّى إلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا رِبْحَ مَالِ الْآخَرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ انْتَهَى

[فَائِدَةٌ اتَّفَقَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمَا]

فَائِدَةٌ: إذَا اتَّفَقَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ عَلَى أَنْ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمَا؛ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى شَرَطَ عَلَى الْمُضَارِبِ ضَمَانَ الْمَالِ أَوْ سَهْمًا مِنْ الْوَضِيعَةِ؛ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي جَهَالَتِهِ الرِّبْحَ، فَلَمْ يَفْسُدْ بِهِ الْعَقْدُ؛ كَمَا لَوْ شَرَطَ لُزُومَ الْمُضَارَبَةِ.

[فَصْلٌ الْمُضَارَبَةُ مُؤَقَّتَةً]

(فَصْلٌ: وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ مُؤَقَّتَةً) كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ: (ضَارِبْ بِكَذَا) - أَيْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ - (سَنَةً أَوْ) شَهْرًا؛ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ بِتَقْيِيدٍ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ، فَجَازَ تَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ؛ كَالْوَكَالَةِ.

(وَ) إنْ قَالَ لِلْعَامِلِ: ضَارِبْ بِهَذَا الْمَالِ، (وَإِذَا مَضَى كَذَا) - أَيْ لِسَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ - (فَلَا تَشْتَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>