(وَبَقِيَ الْأَلْفُ بِلَا رَهْنٍ) ، وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، فَإِنْ نَكَلَا صَرَفَهُمَا، عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ. (وَ) لَوْ قَالَ: (رَهَنْتنِي عَبْدَك) هَذَا (بِأَلْفٍ، فَقَالَ) مَالِكُهُ: (بَلْ غَصَبْتَنِيهِ؛ أَوْ) قَالَ: (هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَك أَوْ عَارِيَّةُ؛ فَقَوْلُ رَبِّهِ) سَوَاءٌ (اعْتَرَفَ بِالدَّيْنِ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّهْنِ.
وَإِنْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ رَهْنٌ لِرَبِّهِ: (أَرْسَلْتُ وَكِيلَك زَيْدًا لِيَرْهَنَهُ بِعِشْرِينَ، وَقَبَضَهَا زَيْدٌ، وَصَدَّقَ الْوَكِيلُ) أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ الْعِشْرِينَ، وَأَنَّهُ سَلَّمَهَا لِرَبِّ الرَّهْنِ؛ (فَقَوْلُ رَاهِنٍ) ، وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ زَيْدًا، بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ زَيْدًا لِيَرْهَنَهُ إلَّا (بِعَشَرَةٍ) وَلَمْ يَقْبِضْ سِوَاهَا؛ (كَمَا) يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ (لَوْ عَدِمَ الْوَكِيلَ) ، فَإِذَا حَلَفَ رَاهِنٌ بَرِيءَ مِنْ الْعَشَرَةِ، (وَيَغْرَمُ الْوَكِيلُ) الْعَشَرَةَ (الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَبْضِهَا، (وَإِنْ صَدَّقَ) الْوَكِيلُ (مُوَكِّلَهُ) - وَهُوَ الرَّاهِنَ - (فَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْوَكِيلِ الَّذِي هُوَ الرَّسُولُ (الْيَمِينُ لِنَفْيِهَا) ؛ أَيْ: الْعَشَرَةِ الْأُخْرَى، فَيَحْلِفُ مَا رَهَنَهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ، وَلَا قَبَضَ إلَّا عَشَرَةً، وَلَا يَمِينَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِهِ، فَإِذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ بَرِيءَ هُوَ وَمُوَكِّلُهُ، (وَإِلَّا) يَحْلِفْ؛ بِأَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ؛ (غَرِمَ) الْعَشَرَةَ الْمُخْتَلِفَ فِيهَا، وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ظَلَمَهُ. وَلَا يَرْجِعُ الْإِنْسَانُ بِظُلَامَتِهِ إلَّا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ، أَوْ تَسَبَّبَ فِي ظُلْمِهِ.
[فَصْلٌ الِانْتِفَاع بِالْمَرْهُونِ]
(فَصْلٌ: وَلِمُرْتَهِنٍ رُكُوبُ حَيَوَانٍ مَرْهُونٍ) ؛ كَفَرَسٍ وَبَعِيرٍ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ، نَصًّا وَلَوْ (بِلَا إذْنِ رَاهِنٍ؛ وَلَوْ) كَانَ الرَّاهِنُ (حَاضِرًا، أَوْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْإِنْفَاقِ) عَلَيْهِ؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ» . (وَ) لِمُرْتَهِنٍ (حَلْبُهُ فَقَطْ) ؛ أَيْ: لَيْسَ لَهُ إلَّا الرُّكُوبُ وَالْحَلْبُ بِقَدْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute