(وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ؛ لَزِمَهُ) مَا كَانَ يَلْزَمُهُ مَا كَانَ كَذَلِكَ جَمِيعَ الْحَوْلِ؛ لِوُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ.
(وَإِنْ حَدَثَ بِهِ مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ) كَأَنْ جُنَّ فَعَلَيْهِ (قِسْطُهُ) ؛ أَيْ: ذَلِكَ الْحَوْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ، (وَ) إنْ حَدَثَ بِهِ (قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: بِالْحَوْلِ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ مَعَهُ (سَقَطَ) قِسْطُ ذَلِكَ الْحَوْلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ مُوَاسَاةً فَسَقَطَ بِحُدُوثِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ.
[بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]
الْكَفَّارَةُ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهُ غَطَّى الذَّنْبَ وَسَتَرَهُ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ، وَسَنَدَهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: ٩٢] الْآيَةَ، فَذَكَرَ فِي الْآيَةِ ثَلَاثَ كَفَّارَاتٍ: إحْدَاهُنَّ: بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ خَطَأً.
الثَّانِيَةُ: بِقَتْلِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ لَا يُعْرَفُ إيمَانُهُ.
الثَّالِثَةُ: بِقَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَهُوَ الذِّمِّيُّ.
(تَلْزَمُ) الْكَفَّارَةُ (كَامِلَةً فِي مَالِ قَاتِلٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ) الْقَتْلَ بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِلْآيَةِ وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ شِبْهُ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ (وَلَوْ كَانَ) الْقَاتِلُ (كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ، أَشْبَهَتْ الدِّيَةَ، وَأَيْضًا هِيَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ أَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ (أَوْ إمَامًا فِي خَطَأٍ يَحْمِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ مُشَارِكًا) فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُوجِبُ (قَتْلِ آدَمِيٍّ) ، فَوَجَبَ إكْمَالُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِيهِ كَالْقِصَاصِ، (وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِمُبَاشَرَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute