للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالَاتِهِ إرْثُهُ بِالرَّحِمِ، وَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى أَصْلِنَا، فَالْإِقْرَارُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ.

وَيَصِحُّ إقْرَارُ مَرِيضٍ وَلَوْ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ بِأَخْذِ دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ وَارِثِهِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي حَقِّهِ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ (بِمَالٍ لَهُ) ؛ أَيْ: لِغَيْرِ وَارِثِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْمَرَضِ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ لِنَفْسِهِ بِمَا يُرَادُ مِنْهُ؛ وَتَحَرِّي الصِّدْقِ فَكَانَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ لِوَارِثٍ فَإِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ.

(وَلَا يُحَاصُّ مُقِرٌّ لَهُ) فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ) ؛ أَيْ: مَنْ أَقَرَّ لَهُمْ حَالَ صِحَّتِهِ، بَلْ يَبْدَأُ بِهِمْ، سَوَاءٌ أُخْبِرَ بِلُزُومِهِ لَهُ قَبْلَ الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَهُ، لِإِقْرَارِهِ بَعْدَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِتَرِكَتِهِ كَإِقْرَارِ مُفْلِسٍ بِدَيْنٍ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ) مَرِيضٌ (فِي مَرَضِهِ) لِأَجْنَبِيٍّ (بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ بِعَيْنٍ (فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ) بِهَا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَالْإِقْرَارَ بِالْعَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذَاتِهَا؛ فَتَعَلُّقُهُ بِالذَّاتِ أَقْوَى، وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ بَيْعَ الْعَيْنِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَمُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ الْمُقِرِّ لَهُ بِهَا.

[الْإِقْرَارُ بِمَا يَدْفَعُ الظُّلْمَ وَيَحْفَظُ الْمَالَ]

فَرْعٌ: إذَا خَافَ أَنْ يُؤْخَذَ مَالُهُ ظُلْمًا أَوْ الْمَالُ الَّذِي بِيَدِهِ لِلنَّاسِ إمَّا بِحُجَّةِ أَنَّهُ مَيِّتٌ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مَالُ غَائِبٍ أَوْ بِلَا حُجَّةٍ أَصْلًا؛ جَازَ لَهُ الْإِقْرَارُ بِمَا يَدْفَعُ هَذَا الظُّلْمَ، وَيَحْفَظُ الْمَالَ لِصَاحِبِهِ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ بِحَاضِرٍ أَنَّهُ ابْنُهُ، أَوْ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا، أَوْ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لِفُلَانٍ، وَيَتَأَوَّلُ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ يَعْنِي بِكَوْنِهِ ابْنَهُ صِغَرَهُ، أَوْ بِقَوْلِهِ أَخِي أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِقَوْلِهِ الَّذِي بِيَدِهِ لَهُ؛ أَيْ: لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ؛ لِكَوْنِي قَدْ وَكَّلْته فِي إيصَالِهِ إلَى مُسْتَحَقِّهِ وَنَحْوِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ أَمِينًا، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ تَلْجِئَةٌ تَفْسِيرُهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَهُ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " مُلَخَّصًا.

(وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ؛ نَفَذَ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ لِلْعَبْدِ، وَلَمْ يُنْقَضَا بِإِقْرَارِهِ) بَعْدَ ذَلِكَ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُنْجَزٌ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَالٍ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا؛ فَلَا يَنْقُضُهُ مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ، ثُمَّ حُجِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>