[بَابُ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ]
ِ أَيْ: بَيَانُ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ (وَأَقْسَامُهَا) أَيْ: الْعُيُوبِ (الْمُثَبِّتَةُ لِلْخِيَارِ ثَلَاثَةٌ) . مِنْهَا (قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ) وَثُبُوتِ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ الْآخَرُ عَيْبًا فِي الْجُمْلَةِ. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي النِّكَاحِ، فَجَازَ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ كَالصَّدَاقِ، وَلِأَنَّ الرَّجُلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ فِي الْآخَرِ كَالْمَرْأَةِ، وَأَمَّا الْعَمَى وَالزَّمَانَةُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ الْوَطْءُ بِخِلَافِ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ، فَإِنَّهَا تُوجِبُ نَفْرَةً تَمْنَعُ مِنْ قُرْبَانِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُخَافُ مِنْهُ التَّعَدِّي إلَى نَفْسِهِ وَنَسْلِهِ، وَالْمَجْنُونُ يُخَافُ مِنْهُ الْجِنَايَةُ، فَهُوَ كَالْمَانِعِ الْحِسِّيِّ.
(وَهُوَ) أَيْ: الْقِسْمُ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: (كَوْنُهُ) أَيْ: الرَّجُلِ (قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ) كُلُّهُ (أَوْ) قُطِعَ (بَعْضُهُ، وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (بِفِعْلِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (وَلَمْ يَبْقَ) مِنْهُ (مَا يُمْكِنُ جِمَاعٌ بِهِ، وَ) مَتَى ادَّعَى الزَّوْجُ إمْكَانَ الْجِمَاعِ بِمَا بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ، وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ؛ فَإِنَّهُ (يُقْبَلُ قَوْلُهَا) مَعَ يَمِينِهَا (فِي عَدَمِ إمْكَانِهِ) أَيْ: الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَضْعُفُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوَطْءِ.
الشَّيْءُ الثَّانِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ قَطَعَ خُصْيَتَاهُ أَوْ رَضَّ بَيْضَتَاهُ) أَيْ: عَرَّقَهُمَا حَتَّى يَنْفَسِخَ فَيَصِيرُ شَبِيهًا بِالْخَصِيِّ (أَوْ سُلَّتَا) أَيْ: بَيْضَاتُهُ (فَتَفْسَخُ فِي الْكُلِّ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ يُضْعِفُهُ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارِ بْنِ سَنَدٍ: تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ خَصِيٌّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتَهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَعْلِمْهَا، ثُمَّ خَيِّرْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute