(بِمَكَانِ غَصْبٍ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي غَصْبٍ أَوْ مُحَرَّمٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ، وَالرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ فِي الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ، لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَأَفْعَالٌ نَحْوُ الْوُضُوءِ مِنْ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ لَيْسَتْ بِمُحَرَّمَةٍ، لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْمَاءِ لَا لِلْإِنَاءِ، وَأَيْضًا فَالنَّهْيُ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ الْإِنَاءِ الْمُحَرَّمِ يَعُودُ لِخَارِجٍ، إذْ الْإِنَاءُ لَيْسَ رُكْنًا وَلَا شَرْطًا فِيهِ بِخِلَافِ الْبُقْعَةِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ.
[تَتِمَّةٌ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَغَشَّاهُ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ]
تَتِمَّةٌ: (قَالَ) " الشِّيشْنِيُّ " فِي " شَرْحِ الْمُحَرَّرِ ": لَوْ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَغَشَّاهُ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ لَمْ أَجِدْ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ كَلَامًا. وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قُلْنَا: التَّحْرِيمُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِعَيْنِهَا حُرِّمَ هَذَا، وَإِنْ قُلْنَا: التَّحْرِيمُ لِمَعْنًى فِيهِمَا، وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ لَمْ يُحَرَّمْ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ أَصْحَابِنَا.
(وَكَذَا) إنَاءٌ (مُضَبَّبٌ) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (لِصَدْعٍ) أَيْ: كَسْرٍ فَلَا يُبَاحُ اتِّخَاذًا، وَلَا اسْتِعْمَالًا، (لَا) إنْ ضُبِّبَ (لِ) ضَبَّةٍ (يَسِيرَةٍ عُرْفًا) - أَيْ: فِي عُرْفِ النَّاسِ - لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَحْدِيدُهَا (مِنْ فِضَّةٍ) لَا ذَهَبٍ (لِ) حَاجَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا غَرَضٌ (غَيْرِ زِينَةٍ) : بِأَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى فِعْلِهِ لَا تَنْدَفِعُ بِغَيْرِهِ كَأَنْ انْكَسَرَ إنَاءٌ نَحْوُ خَشَبٍ فَضُبِّبَ كَذَلِكَ، فَلَا يَحْرُمُ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْكَسَرَ، فَاِتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ حَرُمَتْ مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ يَسِيرَةً لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَحَيْثُ كَانَ لِحَاجَةٍ فَتُبَاحُ (وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهَا) - أَيْ: الْفِضَّةُ - كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُرَادُهُمْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ لَا إلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ وَهِيَ تُبِيحُ الْمُنْفَرِدَ.
(وَتُكْرَهُ مُبَاشَرَتُهَا) أَيْ: ضَبَّةُ الْفِضَّةِ الْمُبَاحَةُ (فِي نَحْوِ شُرْبٍ بِلَا حَاجَةٍ) إلَى الْمُبَاشَرَةِ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْفِضَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْآنِيَةِ، فَإِنْ احْتَاجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute