يَضْمَنُهَا قَابِضُهَا بِالْفَوَاتِ وَالتَّفْوِيتِ، سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَوْ تَرَكَهَا تَذْهَبُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ عُقُودِ الْأَمَانَاتِ كَالْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَعُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ؛ فَلَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهَا، وَلِهَذَا يَرْجِعُ مَنْ غَرِمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ شَيْئًا بِمَا غَرِمَهُ، (وَمَعَ تَلَفِ) مَغْصُوبٍ أَوْ مَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَى قَابِضِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (إلَيْهِ) - أَيْ: إلَى تَلَفِهِ - لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ تُضْمَنُ؛ كَمَا لَوْ أُتْلِفَ بِلَا غَصْبٍ أَوْ قَبْضٍ.
وَيُقْبَلُ قَوْلُ غَاصِبٍ وَقَابِضٍ فِي تَلَفِهِ، فَيُطَالِبُهُ مَالِكُهُ بِبَدَلِهِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) - أَيْ: الْغَاصِبِ وَالْقَابِضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (فِي وَقْتِهِ) - أَيْ: التَّلَفِ - لِتَسْقُطَ عَنْهُ الْأُجْرَةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (فِي تَلَفِهِ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ - (لِيُطَالِبَ) مُتْلِفَهُ (بِبَدَلِهِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (وَإِلَّا) تَصِحُّ إجَارَةُ الْمَغْصُوبِ؛ أَيْ: لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِإِجَارَتِهِ غَالِبًا؛ (فَلَا) تَلْزَمُ غَاصِبَهُ وَلَا قَابِضَهُ أُجْرَةٌ (كَغَنَمٍ وَشَجَرٍ وَطَيْرٍ) ، وَلَوْ قَصَدَ مَوْتَهُ (وَنَحْوِهَا) كَشَمْعٍ وَمَطْعُومٍ وَمَشْرُوبٍ (مِمَّا لَا مَنَافِعَ لَهُ يُسْتَحَقُّ بِهَا عِوَضٌ) غَالِبًا، فَلَا يَرُدُّ صِحَّةَ إجَارَةِ غَنَمٍ لِدِيَاسِ زَرْعٍ وَشَجَرٍ لِنَشْرٍ وَنَحْوِهِ؛ لِنُدْرَتِهِ.
(وَيَلْزَمُ) غَاصِبًا وَقَابِضًا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (فِي قِنٍّ ذِي صَنَائِعَ) ؛ أَيْ: يُحْسِنُ صَنَائِعَ؛ إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْسِنٍ صَنْعَةً؛ لَمْ يَلْزَمْ قَابِضَهُ أُجْرَةُ صَنْعَةٍ مُقَدَّرَةٍ - وَلَوْ حَبَسَهُ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا تَعَلُّمُ صَنْعَةٍ - لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ (أُجْرَةَ أَعْلَاهَا) - أَيْ: الصَّنَائِعِ - (فَقَطْ) مُدَّةَ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ فِي صَنْعَتَيْنِ مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ غَايَةَ مَا يَحْصُلُ لِسَيِّدِهِ بِهِ مِنْ النَّفْعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي أَعْلَى مَا يُحْسِنُهُ مِنْ الصَّنَائِعِ.
[تَنْبِيهٌ لَا قِصَاصَ فِي مَالٍ كَشَقِّ ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِ كَكَسْرِ إنَاءٍ]
(تَنْبِيهٌ: لَا قِصَاصَ فِي مَالٍ كَشَقِّ ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِ) كَكَسْرِ إنَاءٍ، بَلْ الضَّمَانُ بِالْبَدَلِ وَالْأَرْشِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute