عُمَرَ: «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْت أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَوْلَا أَنَّهُ مَلَكَهُ مَا بَاعَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَأْخُذُهُ مِنْ عُمَرَ فَيُقِيمُهُ لِلْبَيْعِ، فِي الْحَالِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ غَزْوِهِ عَلَيْهِ، أَشَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، فَإِنْ لَمْ يَغْزُ رَدَّهَا وَمَعْنَى أَضَاعَهُ: أَهْزَلَهُ.
(وَمِثْلُهَا) : الدَّابَّةُ (سِلَاحٌ وَتُرْسٌ وَنَفَقَةٌ) أُعْطِيَ ذَلِكَ لِيَغْزُوَ بِهِ، (فَيَمْلِكُ أَخْذَهُ) بِالْغَزْوِ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ الْغَزْوِ لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، فَلَا بَأْسَ.
(وَلَا تُرْكَبُ دَوَابُّ السَّبِيلِ فِي حَاجَةِ) نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُسْبَلْ لِذَلِكَ، (بَلْ) تُرْكَبُ وَتُسْتَعْمَلُ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) تَعَالَى لِأَنَّهَا سُبِّلَتْ لِذَلِكَ، أَوْ تُرْكَبُ لِعَلَفِهَا وَسَقْيِهَا؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَتِهَا، (وَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ) مُسْتَوْفَى وَسَهْمُ الْفَرَسِ الْحَبِيسِ كَمَنْ غَزَا عَلَيْهِ يُعْطِي مِنْهُ نَفَقَتَهُ وَالْبَاقِي لَهُ.
[بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ]
(بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ) يُقَالُ: غَنِمَ فُلَانٌ الْغَنِيمَةَ يَغْنَمُهَا، وَاشْتِقَاقُهُمَا مِنْ الْغُنْمِ، وَأَصْلُهُ: الرِّبْحُ وَالْفَضْلُ، وَالْمَغْنَمُ مُرَادِفٌ لِلْغَنِيمَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٩] وَقَدْ اُشْتُهِرَ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ الْغَنَائِمَ وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute