[تَنْبِيهٌ يَبْرَأُ الْغَاصِبَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا إذَا أَجَرَهُ لِمَالِكِهِ]
تَنْبِيهٌ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا إذَا أَجَرَهُ لِمَالِكِهِ، لِدُخُولِهِ عَلَى ضَمَانِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، (خِلَافًا لَهُمَا) - أَيْ: " لِلْمُنْتَهَى " " وَالْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُمَا قَالَا: أَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ: (فِيمَا يُوهِمُ) أَنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا صَرَّحَا بِهِ، وَالْمَنْصُوصُ كَمَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ) الْمَغْصُوبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ مَالِكُهُ مِنْ الْغَاصِبِ؛ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْهُ لِلْغَاصِبِ؛ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ بِنَحْوِ عَيْبٍ، فَيَتْلَفُ بَعْدَهُ؛ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ الْغَاصِبُ لَهُ - أَيْ: لِمَالِكِهِ - (أَمَانَةً) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ضَمَانِ ذَلِكَ؛ إذْ لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا.
(وَإِنْ صَدَرَ مَا تَقَدَّمَ) ذِكْرُهُ (مِنْ مَالِكٍ) ؛ بِأَنْ أَطْعَمَ الْمَالِكُ مَا غُصِبَ مِنْهُ (الْغَاصِبَ) أَوْ لِدَابَّتِهِ، أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ رَهَنَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ، أَوْ أَجَرَهُ إيَّاهُ، أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ أَعَارَهُ لَهُ، وَاسْتَأْجَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ عَلَى قِصَارَةِ الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ؛ (بَرِئَ) الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَالِكُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِلْكَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَتَبَيَّنَتْ زَوْجَتُهُ؛ فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَا غَيْرَهُ [، وَكَمَا لَوْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ يَظُنُّ أَنْ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ غَرَبَتْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ] ، مِنْ ضَمَانِ (غَصْبٍ) فَقَطْ، لَا مِنْ إثْمِهِ الْحَاصِلِ بِارْتِكَابِهِ الِاسْتِيلَادَ وَالْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَصُدُورُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَالِكِ مُبَرِّئٌ لِلْغَاصِبِ مِنْ الْغَصْبِ، وَمُزِيلٌ لِحُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ؛ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَغْصُوبَةَ، فَإِنَّ حُكْمَ الْغَصْبِ فِيهَا إذَا اتَّجَرَ بِهَا الْغَاصِبُ أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ لِمَالِكِهَا، وَالْحُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute