[بَابُ الْأَمَانِ]
(بَابُ الْأَمَانِ الْأَمَانُ: ضِدُّ الْخَوْفِ) ، وَالْأَصْلُ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة: ٦] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَيَحْرُمُ بِهِ) ، أَيْ: الْأَمَانُ (قَتْلٌ وَرِقٌ وَأَسْرٌ وَأَخْذُ مَالَ) ، لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلْأَمَانِ، (وَلَا جِزْيَةَ) عَلَى مُسْتَأْمَنٍ (مُدَّةَ أَمَانٍ) ، لِأَنَّهُ كَافِرٌ أُبِيحَ لَهُ الْمُقَامُ بِدَارِنَا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ جِزْيَةٍ نَصًّا. (وَشُرِطَ كَوْنُهُ) ، أَيْ: الْأَمَانُ (مِنْ مُسْلِمٍ) ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا، لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالْحَرْبِيِّ، (عَاقِلٍ) لَا طِفْلٌ وَمَجْنُونٌ، لِأَنَّ كَلَامَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ (مُخْتَارٍ) ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ (غَيْرِ سَكْرَانَ) ، لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ، (وَلَوْ) كَانَ الْعَاقِلُ (قِنًّا أَوْ أُنْثَى أَوْ مُمَيَّزًا أَوْ أَسِيرًا) ، فَلَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ، لِقَوْلِ عُمَرَ: الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَجُوزُ أَمَانُهُ، رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ أَشْبَهَ الْحُرَّ، (وَ) لَا تُشْتَرَطُ ذُكُورِيَّتُهُ، نَصًّا «لِإِجَارَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَبَا الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَجَازَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ، وَفِيهِ: «فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» ، أَيْ: لَا نَفْلٌ وَلَا فَرْضٌ عَلَى أَحَدِ تَفَاسِيرِهِ
(لَوْ) كَانَ الْأَمَانُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ (لِأَسِيرٍ) كَافِرٍ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": يَصِحُّ أَمَانُ غَيْرِ الْإِمَامِ لِلْأَسِيرِ الْكَافِرِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " " وَالرِّعَايَتَيْنِ " وَالنَّظْمِ " " وَالْحَاوِيَيْنِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute