للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أُسَمِّيه وَلَا أَعْرِفُهُ (قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: عَرِّفْهُ وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا، وَقَضَيْت عَلَيْك بِالنُّكُولِ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا لِمَجْهُولٍ عُدُولٌ عَنْ الْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْخَصْمَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تُعَيِّنَ الْمُقَرَّ لَهُ لِتَنْتَقِلَ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ، أَوْ تَدَّعِيَهَا لِنَفْسِك لِتَكُونَ الْخُصُومَةُ مَعَك، أَوْ تُقِرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي لِتَنْدَفِعَ الْخُصُومَةُ عَنْك، فَإِنْ عَيَّنَ الْمَجْهُولَ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ بِهَا (فَإِنْ عَادَ) الْمُقِرُّ (ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ؛ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا) فَدَعْوَاهَا ثَانِيًا لِنَفْسِهِ مُخَالِفَةٌ لَدَعْوَاهُ الْأُولَى.

[فَصْلٌ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ بِعَمَلِ الْقَاضِي]

فَصْلٌ (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ بِعَمَلِهِ) ؛ أَيْ: الْقَاضِي (أَوْ لَا) ؛ أَيْ: بِغَيْرِ عَمَلِهِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَى (مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ أَوْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ) عَلَى (مَيِّتٍ أَوْ) عَلَى (غَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ) كَامِلَةٌ (وَيَتَّجِهُ لَا شَاهِدَ وَيَمِينَ) وَلَوْ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ؛ لِضَعْفِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (سُمِعَتْ وَحُكِمَ بِهَا) فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ؛ لِحَدِيثِ «هِنْدَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

، فَقَضَى لَهَا، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو سُفْيَانَ حَاضِرًا.

وَلِأَنَّ الْمُدَّعِي هُنَا لَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ، فَجَازَ الْحُكْمُ بِهَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا.

وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْغَيْبَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَتِرُ فَلِأَنَّهُ مُتَعَذِّرُ الْحُضُورِ؛ أَشْبَهَ الْغَائِبَ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا، بِخِلَافِ الْمُسْتَتِرِ، وَالْمَيِّتُ كَالْغَائِبِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ.

تَنْبِيهٌ: صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تُسْمَعُ بِعَمَلِهِ كَغَيْرِهِ، وَفِي " الْإِقْنَاعِ ": وَلَوْ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، فَمُقْتَضَاهُ كَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِعَمَلِهِ تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>