(مِلْكٌ لِتُهْمَتِهِ) أَشْبَهَ شِرَاءَهُ مِنْ نَفْسِهِ، (وَلَهُ) - أَيْ: الْمُضَارِبِ - (الشُّفْعَةُ فِيمَا) ؛ أَيْ: فِي شِقْصِ - (بِيعَ) ؛ أَيْ: بَاعَهُ مَالِكُهُ الْأَجْنَبِيُّ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَكَان فِيهِ الشُّفْعَةُ (شَرِكَةً لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَ) فِي أَخْذِهِ (حَظٌّ) كَكَوْنِهِ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةَ الرِّبْحِ، (فَإِنْ أَبَى) مُضَارِبٌ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ (أَخَذَ بِهَا) - أَيْ: الشُّفْعَةِ - (رَبُّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِلْكُهُ، وَالشَّرِكَةُ حَقِيقَةٌ لَهُ، وَلَا يَنْفُذُ عَفْوُ مُضَارِبٍ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ أَشْبَهَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَلَا يُزَكِّيهِ وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا شُفْعَةَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ.
[تَتِمَّةٌ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِكُلٍّ مِنْ الْبَدْوِيِّ وَالْقَرَوِيِّ عَلَى الْآخَرِ]
تَتِمَّةٌ: وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِكُلٍّ مِنْ الْبَدْوِيِّ وَالْقَرَوِيِّ عَلَى الْآخَرِ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ.
[بَابُ الْوَدِيعَةِ]
(بَابُ الْوَدِيعَةِ) الْوَدِيعَةُ: وَهِيَ فَعَيْلَةٌ مِنْ وَدَعَ الشَّيْءَ إذَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ مَتْرُوكَةً عِنْدَ الْمُودَعِ، وَقِيلَ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ الدَّعَةِ، فَكَأَنَّهَا عِنْدَ الْمُودَعِ غَيْرُ مُبْتَذَلَةٍ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا، وَقِيلَ: مِنْ وَدَعَ الشَّيْءُ إذَا سَكَنَ وَاسْتَقَرَّ، فَكَأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْمُودَعِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَسُمِّيَتْ وَدِيعَةً - بِالْهَاءِ - لِأَنَّهُمْ ذَهَبُوا بِهَا إلَى الْأَمَانَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] : وقَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute