[تَنْبِيهٌ صَلَّى الذَّاهِب إلَى مُزْدَلِفَة الْمَغْرِبَ بِالطَّرِيقِ]
تَنْبِيهٌ: لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِالطَّرِيقِ، تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَهُ، لِأَنَّ كُلَّ صَلَاتَيْنِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، وَفِعْلُهُ، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، مَحْمُولٌ عَلَى الْأَفْضَلِ.
(ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا) أَيْ: بِمُزْدَلِفَةَ (وُجُوبًا لِنِصْفِ لَيْلٍ) وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَبْقَى بِهَا إلَى الصَّبَاحِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، بَاتَ بِهَا وَقَالَ: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَلَيْسَ بِرُكْنٍ لِحَدِيثِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» ، أَيْ جَاءَ عَرَفَةَ (وَلَهُ) أَيْ: الْحَاجِّ (الدَّفْعُ مِنْهَا) ، أَيْ: مُزْدَلِفَةَ (قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «كُنْت فِيمَنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتْ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَفِيهِ) أَيْ: الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ (قَبْلَهُ) أَيْ: نِصْفِ اللَّيْلِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا (عَلَى غَيْرِ رُعَاةٍ، وَ) غَيْرِ (سُقَاةِ) زَمْزَمَ (دَمٌ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا، وَالنِّسْيَانُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي جَعْلِ الْمَوْجُودِ كَالْمَعْدُومِ، لَا فِي جَعْلِ الْمَعْدُومِ كَالْمَوْجُودِ، وَأَمَّا السُّقَاةُ وَالرُّعَاةُ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، رَخَّصَ لِلرُّعَاةِ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ، وَرَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ، لِأَجْلِ سِقَايَتِهِ وَلِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ بِالْمَبِيتِ (مَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ (قَبْلَ الْفَجْرِ) نَصًّا، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَهُ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ (كَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ (إلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي) مِنْ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ فِيهَا جُزْءًا مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمُهُ، كَمَنْ لَمْ يَأْتِ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا. (وَمَنْ أَصْبَحَ بِهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute