للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعَزَّ اللَّهُ، أَوْ تَبَارَكَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ كَالْحَمْدِ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَلَوْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا شَرْعَ وَلَا لُغَةَ وَلَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ.

(وَالْحَلِفُ بِكَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْهُ أَوْ آيَةٍ مِنْهُ يَمِينٌ) ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ - تَعَالَى -، فَمَنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَ حَالِفًا بِصِفَتِهِ - تَعَالَى -، وَالْمُصْحَفُ يَتَضَمَّنُ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ - تَعَالَى -، وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي حَدِيثٍ: «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا بَيْنَ دَفَّتِيِ الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ (فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَالْكَلَامُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ.

(وَكَذَا) الْحَلِفُ (بِنَحْوِ تَوْرَاةٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ - تَعَالَى -) كَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَهِيَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ - تَعَالَى -، لَا الْمُغَيِّرِ وَالْمُبَدِّلِ، وَلَا تَسْقُطُ حُرْمَةُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ نُسِخَ الْحُكْمَ بِالْقُرْآنِ كَالْمَنْسُوخِ حُكْمُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَإِذَا كَانَتْ كَلَامَهُ فَهِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ كَالْقُرْآنِ.

[فَصْلٌ فِي حُرُوفُ الْقَسَمِ]

فَصْلٌ (حُرُوفُ الْقَسَمِ) ثَلَاثَةٌ (بَاءٌ) وَهِيَ الْأَصْلُ، وَلِذَلِكَ بَدَأَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حَرْفُ تَعْدِيَةٍ، وَ (يَلِيهَا) مُظْهَرٌ، نَحْوُ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ (وَ) يَلِيهَا (مُضْمَرٌ) نَحْوُ: اللَّهَ أُقْسِمُ بِهِ لَأَفْعَلَنَّ. (وَ) الثَّانِي (وَاوٌ: يَلِيهَا مُظْهَرٌ) فَقَطْ، كَ: وَاَللَّهِ وَالنَّجْمِ، وَهِيَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا.

(وَ) الثَّالِثُ (تَاءٌ) وَأَصْلُهَا الْوَاوُ (يَلِيهَا اسْمُ اللَّهِ - تَعَالَى - خَاصَّةً) نَحْوُ {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: ٥٧] (فَلَوْ قَالَ تَالرَّحْمَنِ أَوْ تَالرَّحِيمِ، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا) ؛ لِأَنَّهُ شَاذٌّ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَإِنْ ادَّعَى مَنْ أَتَى بِأَحَدِ الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ فِي مَوْضِعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>