وَلَوْ تَضَمَّنَ فَوَاتَ عَيْنِ جَمِيعِ الْمَالِ (أَوْ) وَصَّى (بِوَقْفِ ثُلُثِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ) - أَيْ: الْوَرَثَةِ - (صَحَّ) ذَلِكَ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ أَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُمَلَّكُ مِلْكًا تَامًّا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ بِهِ.
(وَكَذَا وَقْفٌ زَائِدٌ) عَلَى الثُّلُثِ إذَا (أُجِيزَ) فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ لَمْ يَنْفُذْ الزَّائِدُ (وَلَوْ مَعَ وَحْدَةِ وَارِثٍ) مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَدَّهُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ فَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَمَنْ لَمْ يَفِ ثُلُثُهُ بِوَصَايَاهُ) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ (أُدْخِلَ النَّقْصُ عَلَى كُلٍّ) مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ (بِقَدْرِ وَصِيَّتِهِ كَمَسَائِلِ الْعَوْلِ) فَلَوْ وَصَّى لِوَاحِدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ، وَلِثَالِثٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، وَبِثَلَاثِينَ لِفِدَاءِ أَسِيرٍ، وَلِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ بِعِشْرِينَ، وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مِائَةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْوَصَايَا ثَلَاثَمِائَةٍ نُسِبَتْ مِنْهَا الثُّلُثُ فَهُوَ ثُلُثُهَا، فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَ وَصِيَّتِهِ.
(وَإِنْ) كَانَتْ وَصِيَّةُ بَعْضِهِمْ (عِتْقًا) لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الْأَصْلِ وَتَفَاوَتُوا فِي الْمِقْدَارِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ (وَإِنْ أَجَازَهَا) - أَيْ: الْوَصِيَّةَ - بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ (وَرَثَةٌ بِلَفْظِ إجَازَةٍ) كَأَجَزْتُهَا (أَوْ) بِلَفْظِ (إمْضَاءٍ) كَأَمْضَيْتُهَا (أَوْ) بِلَفْظِ (تَنْفِيذٍ) كَنَفَّذْتُهَا (لَزِمَتْ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ، كَمَا تَبْطُلُ بِرَدِّهِمْ
تَتِمَّةٌ: لَوْ أَسْقَطَ مَرِيضٌ عَنْ وَارِثِهِ دَيْنًا أَوْ عَفَا عَنْ جِنَايَةٍ مُوجِبُهَا الْمَالُ، أَوْ أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا عَنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهَا الْمَخُوفِ؛ فَكَالْوَصِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي الْمَرَضِ فَهُوَ كَالْعَطِيَّةِ فِيهِ، وَإِنْ وَصَّى لِوَلَدِ وَارِثِهِ بِالثُّلُثِ فَمَا دُونَ ذَلِكَ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ، فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ نَفْعَ الْوَارِثِ؛ لَمْ يَجُزْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ، وَتَنْفُذُ حُكْمًا؛ لِمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ إجَازَةُ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ]
(فَصْلٌ وَالْإِجَازَةُ) - أَيْ: إجَازَةُ الْوَرَثَةِ - لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ (تَنْفِيذٌ) لِمَا وَصَّى بِهِ الْمُوَرِّثُ (لَا يَثْبُتُ لَهَا) - أَيْ: الْإِجَازَةِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute