للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَحْكَامُ هِبَةٍ) فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى أَرْكَانِ الْهِبَةِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّتُهَا مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَقَبْضٍ وَنَحْوِهِ كَالْعِلْمِ بِمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِجَازَةُ وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ.

وَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ الْهِبَةِ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِجَازَةُ (فَلَا يَرْجِعُ أَبٌ) وَارِثٌ مِنْ مُوصٍ (أَجَازَ ابْنَهُ) فِيمَا أَجَازَهُ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ، وَالْإِجَازَةُ تَنْفِيذٌ لِمَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ لِابْنِهِ (وَلَا يَحْنَثُ بِهَا) - أَيْ: الْإِجَازَةِ - (حَالِفٌ لَا يَهَبُ) شَيْئًا، فَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَيْسَتْ بِهِبَةٍ (وَوَلَاءُ عِتْقٍ) مِنْ مُوَرِّثٍ (مُجَازٌ) - أَيْ: مُفْتَقِرٌ إلَى الْإِجَازَةِ - تَنْجِيزًا كَانَ كَعِتْقِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، ثُمَّ مَاتَ أَوْ مُوصَى بِهِ كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، فَعِتْقُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْهِ، فَإِذَا أَجَازُوهُ نَفَذَ وَوَلَاؤُهُ (لِمُوصٍ تَخْتَصُّ بِهِ) - أَيْ: بِالْإِرْثِ بِهِ - (عَصَبَتُهُ) دُونَ بَاقِي وَرَثَتِهِ، لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَنْفِيذٌ لِفِعْلِ الْمَيِّتِ (وَمَا وَلَدَتْهُ) أَمَةٌ (مُوصَى بِعِتْقِهَا) قَبْلَ عِتْقٍ وَ (بَعْدَ مَوْتٍ) (فَ) وَلَدُهَا (كَهِيَ) أَيْ: يَصِيرُ عَتِيقًا تَبَعًا لِأُمِّهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ.

(وَتَلْزَمُ) الْإِجَازَةُ (بِغَيْرِ قَبُولِ) مُجَازٍ لَهُ (وَ) بِغَيْرِ (قَبْضٍ - وَلَوْ) كَانَتْ الْإِجَازَة (مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ) - لِأَنَّهَا تَنْفِيذٌ لَا تَبَرُّعٌ بِالْمَالِ (لَا) إنْ كَانَ الْمُجِيزُ (غَيْرَ مُكَلَّفٍ) كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعْتَدُّ بِكَلَامِهِمَا، فَإِجَازَتُهُمَا وَعَدَمُهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.

وَتَلْزَمُ الْإِجَازَةُ (مَعَ كَوْنِهِ) - أَيْ: الْمُجَازِ - (وَقْفًا عَلَى مُجِيزِهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ صَادِرًا مِنْ الْمُجِيزِ وَلَا مَنْسُوبًا إلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنَفِّذٌ لَهُ (وَ) تَلْزَمُ (مَعَ جَهَالَةِ مَالٍ أُجِيزَ) لِأَنَّهَا عَطِيَّةُ غَيْرِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُجَازُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هِبَةً وَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ الْمُفْتَقِرَةَ إلَى الْإِجَازَةِ لِمُجَاوَزَتِهَا الثُّلُثَ أَوْ لِكَوْنِهَا لِوَارِثٍ، قَبْلَ الْإِجَازَةِ، ثُمَّ أُجِيزَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ قَبُولِهِ؛ فَالْمِلْكُ ثَابِتٌ لَهُ مِنْ حِينِ قَبُولِهِ الْوَصِيَّةَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْفِيذٌ لِقَوْلِ مُوصٍ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ.

(وَ) مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْ الْوَصَايَا - إذَا أُجِيزَ لِلْمُوصَى لَهُ؛ فَإِنَّهُ (يُزَاحِمُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>