{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٣] وَحَدِيثِ: " الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ ".
وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ؟ قَالَ بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
[كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا]
قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَبَدَأَ بِأَحْكَامِهَا قَبْلَهُ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. (وَهِيَ) أَيْ: الْفُتْيَا اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ أَفْتَى يُفْتِي إفْتَاءً (تَبْيِينُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ) لِلسَّائِلِ عَنْهُ وَالْإِخْبَارُ بِلَا إلْزَامٍ، وَالْقَضَاءُ تَبْيِينُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَالْإِلْزَامُ بِهِ، فَامْتَازَ بِالْإِلْزَامِ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَصَفَّحَ أَحْوَالَ الْمُفْتِينَ، فَمَنْ صَلَحَ لِلْفُتْيَا أَقَرَّهُ، وَمَنْ لَا يَصْلُحُ مَنَعَهُ وَنَهَاهُ أَنْ يَعُودَ، وَتَوَاعَدَهُ بِالْعُقُوبَةِ إنْ عَادَ، وَطَرِيقُ الْإِمَامِ إلَى مَعْرِفَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى أَنْ يَسْأَلَ عُلَمَاءَ وَقْتِهِ، وَيَعْتَمِدَ أَخْبَارَ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ.
ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَا أَفْتَيْتُ حَتَّى شَهِدَ لِي سَبْعُونَ أَنِّي أَهْلٌ لِذَلِكَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: مَا أَفْتَيْتُ حَتَّى سَأَلْتُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي هَلْ تُرَانِي مَوْضِعًا لِذَلِكَ؟ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ أَهْلًا لِشَيْءٍ حَتَّى يَسْأَلَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ.
(وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يَحْفَظَ الْأَدَبَ مَعَ الْمُفْتِي وَيُجِلَّهُ وَيُعَظِّمَهُ، وَلَا يَفْعَلُ مَا جَرَتْ عَادَةُ الْعَوَامّ بِهِ كَإِيمَاءٍ بِيَدِهِ فِي وَجْهِهِ، أَوْ يَقُولُ لَهُ مَا مَذْهَبُ إمَامِكَ فِي كَذَا؟ أَوْ مَا تَحْفَظُهُ) أَيْ: فِي كَذَا، أَوْ أَفْتَانِي غَيْرُكَ بِكَذَا، أَوْ كَذَا قُلْتُ أَنَا (أَوْ إنْ كَانَ جَوَابُكَ مُوَافِقًا فَاكْتُبْ وَإِلَّا فَلَا تَكْتُبْ، وَلَا يُطَالِبُهُ بِالْحُجَّةِ) ؛ أَيْ: لَا يَطْلُبُ الْمُسْتَفْتِي مِنْ الْمُفْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute