للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّلِيلَ عَلَى مَا قَالَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ اتِّهَامًا لَهُ (لَكِنْ إنْ عَلِمَ الْمُفْتِي غَرَضَ السَّائِلِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْتُبَ بِغَيْرِهِ) لِأَنَّهُ يُفْسِدُ عَلَيْهِ رُقْعَتَهُ وَيُحْوِجُهُ إلَى إبْدَالِهَا.

(وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى) وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الْقَضَاءُ وَالْفُتْيَا (بِقَوْلٍ) وَثَمَّ غَيْرُهُ (أَوْ وَجْهٍ) وَثَمَّ غَيْرُهُ (مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا؛ وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَكَانَ السَّلَفُ) رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (يَهَابُونَ الْفُتْيَا وَيُشَدِّدُونَ فِيهَا وَيَتَدَافَعُونَهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ: رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْأَنْصَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْأَلُ أَحَدُهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَيَرُدُّهَا هَذَا إلَى هَذَا وَهَذَا إلَى هَذَا حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الْأَوَّلِ، (وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْ يَهْجُمُ عَلَى الْجَوَابِ) لِخَبَرِ: «أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ» (وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ مَا يُسْتَفْتَى فِيهِ، وَقَالَ: إذَا هَابَ الرَّجُلُ شَيْئًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا يَقُولُ) .

(وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُنَصِّبَ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ) أَوَّلُهَا (أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ) أَيْ: أَنْ يُخْلِصَ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَقْصِدُ رِئَاسَةً وَنَحْوَهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نُورٌ، وَلَا عَلَى كَلَامِهِ نُورٌ) إذْ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.

وَالثَّانِيَةُ (أَنْ يَكُونَ لَهُ حِلْمٌ وَوَقَارٌ وَسَكِينَةٌ) وَإِلَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِ مَا تَصَدَّى لَهُ مِنْ بَيَانِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَالثَّالِثَةُ (أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا عَلَى مَا هُوَ فِيهِ وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ) وَإِلَّا فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِعَظِيمٍ.

(وَ) الرَّابِعَةُ (أَنْ يَكُونَ لَهُ كِفَايَةٌ وَإِلَّا بَغَضَهُ النَّاسُ؛ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ) تَكُنْ لَهُ كِفَايَةٌ (احْتَاجَ) إلَى النَّاسِ وَإِلَى الْأَخْذِ، فَأَخَذَ (مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ) فَيَنْفِرُونَ مِنْهُ.

وَالْخَامِسَةُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِالْأَحْوَالِ وَالِاصْطِلَاحَاتِ (لِيَعْرِفَ مَكْرَ النَّاسِ وَخِدَاعَهُمْ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِمْ، بَلْ يَكُونُ حَذِرًا فَطِنًا مِمَّا يُصَوِّرُونَهُ فِي سُؤَالَاتِهِمْ) لِئَلَّا يُوقِعُوهُ فِي الْمَكْرُوهِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «احْتَرِسُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>