قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ؛ رَدَّهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ، وَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ لِلْحَيْلُولَةِ. وَقَدْ زَالَتْ.
[فَصْلٌ حُرِّمَ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ وَغَيْرِهِ فِي مَغْصُوبٍ]
(فَصْلٌ وَحُرِّمَ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ) وَغَيْرِهِ مِمَّنْ عَلِمَ الْحَالَ (فِي مَغْصُوبٍ بِمَا لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ مِنْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ) ؛ أَيْ: لَا يَتَّصِفُ بِأَحَدِهِمَا (كَإِتْلَافِ) الْمَغْصُوبِ (وَاسْتِعْمَالِهِ) كَأَكْلِهِ وَلُبْسِهِ وَنَحْوِهِمَا كَرُكُوبِهِ وَحَمْلٍ عَلَيْهِ وَاسْتِخْدَامِهِ وَذَبْحِهِ. وَلَا يُحَرَّمُ الْمَذْبُوحُ بِذَلِكَ، وَكَسُكْنَى الْعَقَارِ؛ لِحَدِيثِ: «إنَّ أَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
(وَكَذَا) يَحْرُمُ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ وَغَيْرِهِ فِي مَغْصُوبٍ (بِمَا لَهُ حُكْمٌ) ؛ بِأَنْ يُوصَفَ تَارَةً بِالصِّحَّةِ وَتَارَةً بِالْفَسَادِ؛ (كَعِبَادَةٍ) ؛ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ يَتَيَمَّمَ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي الْبُقْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ، أَوْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ يَحُجَّ مِنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ نَحْوِ صَوْمٍ وَذِكْرٍ وَاعْتِقَادٍ؛ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ، (وَكَعَقْدٍ) كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبَ، أَوْ أَجَّرَهُ، أَوْ أَعَارَهُ، أَوْ نَكَحَ الْغَاصِبُ، أَوْ أَنْكَحَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ، أَوْ عَتَقَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ، أَوْ وَقَفَ الشِّقْصَ الْمَغْصُوبَ.
(وَلَا يَصِحَّانِ) - أَيْ: عِبَادَةُ الْغَاصِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَا عَقْدُهُ - فَيَكُونَانِ بَاطِلَيْنِ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» . أَيْ: مَرْدُودٌ.
(وَإِنْ اتَّجَرَ) غَاصِبٌ (بِعَيْنِ مَغْصُوبٍ) ؛ بِأَنْ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَاتَّجِرْ بِهَا، (أَوْ) اتَّجَرَ بِعَيْنِ (ثَمَنِهِ) ؛ بِأَنْ غَصَبَ عَبْدًا، فَبَاعَهُ وَاتَّجَرَ بِثَمَنِهِ، وَظَهَرَ رِبْحٌ وَهُوَ بَاقٍ؛ (فَالرِّبْحُ وَمَا اشْتَرَاهُ) الْغَاصِبُ مِنْ السِّلَعِ لِمَالِكِ الْمَغْصُوبِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: الرِّبْحُ لِلْمَالِكِ وَالسِّلَعُ الْمُشْتَرَاةُ لَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِخَبَرِ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ. وَهَذَا حَيْثُ تَعَذَّرَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَالِكِهِ، وَرَدُّ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute