للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَلْزَمُ مَنْ يَكْتُبُ إلَيْهِ قَبُولُ حُكْمِهِ وَتَنْفِيذُهُ) لِأَنَّهُ حَاكِمٌ نَافِذُ الْأَحْكَامِ، فَلَزِمَهُ قَبُولُهُ (لَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَحَاكِمَيْنِ الرُّجُوعُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَى الْخَصْمَيْنِ؛ أَشْبَهَ رُجُوعَ الْمُوَكِّلِ عَنْ التَّوْكِيلِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ، أَمَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْحُكْمِ قَبْلَ تَمَامِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ أَحَدِهِمَا كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ صُدُورِ مَا وَكَّلَ فِيهِ مِنْ وَكِيلِهِ (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ حَكَّمَ أَحَدُهُمَا خَصْمَهُ أَوْ حَكَمًا مُفْتِيًا فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ؛ جَازَ، وَقَالَ: يَكْفِي وَصْفُ الْقِصَّةِ؛ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَعُوهُ.

وَقَالَ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُحَكِّمُهُ الْخَصْمَانِ شُرُوطُ الْقَاضِي) أَيْ: الصِّفَاتُ الْعَشَرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي " الْمُجَرَّدِ " فِي الْقَاضِي (وَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى مُقْدِمُو الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ الْوَسَاطَاتِ وَالصُّلْحَ) عِنْدَ الْفَوْرَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ، وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَتَفْوِيضُ الْأَمْوَالِ إلَى الْأَوْصِيَاءِ، وَتَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى رَقِيقِهِ، وَخُرُوجُ طَائِفَةٍ إلَى الْجِهَادِ تَلَصُّصًا وَبَيَانًا، وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَالتَّغْرِيرِ لِعَبِيدٍ وَإِمَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ) انْتَهَى.

قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: فِي بَعْضِ ذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ.

تَتِمَّةٌ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ الْمُتَحَكِّمُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ بِالرِّضَى بِحُكْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا؛ لِئَلَّا يَجْحَدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا أَنَّهُ حُكْمُهُ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

[بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي]

الْأَدَبُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ يُقَالُ أَدِبَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَضَمِّهَا لُغَةً إذَا صَارَ أَدِيبًا فِي خُلُقٍ أَوْ عِلْمٍ (وَهُوَ أَخْلَاقُهُ الَّتِي يَنْبَغِي لَهُ التَّخَلُّقُ بِهَا) ، وَالْمَقْصُودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>