فَرَدَّا؛ فَثُلُثُهَا وَقْفٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَثُلُثَاهَا مِيرَاثٌ، وَإِنْ رَدَّ الِابْنُ وَحْدَهُ؛ فَلَهُ ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهُمَا وَقْفًا، وَإِنْ رَدَّتْ الْبِنْتُ وَحْدَهَا، فَلَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا، وَلِلِابْنِ نِصْفُهُمَا وَقْفًا، وَسُدُسُهُمَا إرْثًا، لِرَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لِرَدِّ التَّسْوِيَةِ فَقَطْ دُونَ أَصْلِ الْوَقْفِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَدَدْت تَسْوِيَةَ وَالِدِي بَيْنِي وَبَيْنَ أُخْتِي فِي الْوَقْفِ؛ فَإِنَّهُ يُبْطَلُ الْوَقْفُ فِي سُدُسِ الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ الْبِنْتِ الَّذِي بِهِ حَصَلَتْ التَّسْوِيَةُ، وَيَبْقَى لَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ وَقْفًا عَلَيْهَا، وَالسُّدُسُ الَّذِي يُبْطَلُ الْوَقْفُ فِيهِ يَكُونُ إرْثًا لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ مِنْ وَقْفٍ غَيْرِ النِّصْفِ، فَلَا نَحْكُمُ بِوَقْفِيَّةِ هَذَا السُّدُسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُقْتَضَى، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ التَّشْبِيهِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا أَرَادَتْ الْبِنْتُ وَحْدَهَا وَهُوَ أَنَّ نِصْفَ الثُّلُثَيْنِ لِلِابْنِ وَقْفًا، وَسُدُسَهُمَا لَهُ إرْثًا فِي الصُّورَتَيْنِ، فَهَذَا هُوَ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا.
وَ (لَا) يَنْفُذُ وَقْفُ مَرِيضٍ (بِ) جُزْءٍ (زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ: ثُلُثِ مَالِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ (وَلَوْ) كَانَ وَقْفُهُ (عَلَى أَجْنَبِيٍّ) كَالْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ وَالْوَصِيَّةِ (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يَنْفُذُ وَقْفُ الْمَرِيضِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (بِلَا إجَازَةٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى بَعْضِهِمْ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ كَالْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
[فَصْلٌ رُجُوعُ الواهب فِي هِبَتِهِ بَعْدَ قَبْضِ مُعْتَبَرٍ]
(فَصْلٌ: وَحُرِّمَ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ وَاهِبٍ) فِي هِبَتِهِ (بَعْدَ قَبْضِ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ أَوْ وَكِيلِهِ؛ لِلُزُومِهَا بِهِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْهِبَةُ (صَدَقَةً وَهَدِيَّةً وَنِحْلَةً، أَوْ نُقُوطًا وَحُمُولَةً فِي نَحْوِ عُرْسٍ) كَخِتَانٍ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَ قَتَادَةُ: وَلَا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا، وَسَوَاءٌ عُوِّضَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُعَوَّضْ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تَقْتَضِي الثَّوَابَ وَتَقَدَّمَ (إلَّا مَنْ وَهَبَتْ زَوْجَهَا) شَيْئًا (بِمَسْأَلَتِهِ) إيَّاهَا لَهُ (ثُمَّ ضَرَّهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إذَا وَهَبَتْ لَهُ مَهْرَهَا، فَإِنْ كَانَ سَأَلَهَا ذَلِكَ رَدَّهُ إلَيْهَا رَضِيَتْ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute