للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً فِي يَدِ الْوَلَدِ وَتَصَرُّفِهِ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَتِهَا؛ فَلَا رُجُوعَ فِي قِيمَةِ تَالِفٍ، وَلَا فِي أَمَةٍ اسْتَوْلَدَهَا الِابْنُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ سَيِّدِهَا، فَلَوْ تَصَرَّفَ الِابْنُ بِمَا لَا يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْوَطْءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْإِحْبَالِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ عَلَيْهَا وَجَعْلِهَا مُضَارَبَةً. وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ رُجُوعُ الْأَبِ؛ لِبَقَاءِ تَصَرُّفِ الِابْنِ، فَإِذَا رَجَعَ، فَمَا كَانَ مِنْ الْمُتَصَرِّفِ لَازِمًا كَالْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْكِتَابَةِ؛ فَهُوَ بَاقٍ بِحَالِهِ.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا تَزِيدَ الْعَيْنُ عِنْدَ الْوَلَدِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَحَمْلٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ قُرْآنٍ.

الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْأَبُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرُّجُوعِ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ؛ فَلَا رُجُوعَ لَهُ

[فَصْلٌ لِلْأَبِ خَاصَّةً تَمْلِك مَا شَاءَ مِنْ مَال وَلَده]

(فَصْلٌ)

(وَلِأَبٍ خَاصَّةً) دُونَ أُمٍّ وَجَدٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ خُولِفَ فِي الْأَبِ؛ لِدَلَالَةِ النَّصِّ، وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ (حُرٌّ) كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ) كَانَ الْأَبُ (غَيْرَ مُحْتَاجٍ) بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا (تَمَلَّكَ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ) قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّ مَالَ الْوَلَدِ مِلْكٌ لَهُ دُونَ أَبِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ رَبًّا (تَنْجِيزًا) لَا تَعْلِيقًا، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَمْنَعُ الِابْنُ الْأَبَ مَا أَرَادَ مِنْ مَالِهِ؛ فَهُوَ لَهُ. إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ؛ فَلِلْأَبِ التَّمَلُّكُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَعَ صِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَسُخْطِهِ وَرِضَاهُ وَبِعِلْمِهِ وَبِغَيْرِ عِلْمِهِ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» .

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أَبِي احْتَاجَ مَالِي فَقَالَ: أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» . وَلِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ بِالنَّصِّ الْقَاطِعِ، وَمَا كَانَ مَوْهُوبًا لَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ كَعَبْدِهِ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>