[فَصْلٌ يَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ]
(فَصْلٌ) (يَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ) لِحَدِيثِ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ، وَلِأَنَّهُ طَاعَةٌ، فَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ النُّذُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا (وَمِنْهُ) أَيْ: النَّذْرِ (إنْ لَبِسْتُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ، فَلَبِسَهُ بَعْدَ مِلْكِهِ) فَيَصِيرُ هَدْيًا وَاجِبًا يَلْزَمُهُ إيصَالُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ.
(وَسُنَّ سَوْقُ حَيَوَانٍ) أَهْدَاهُ (مِنْ الْحِلِّ) «لِسَوْقِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَجَّتِهِ الْبُدْنَ وَكَانَ يَبْعَثُ هَدْيَهُ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ» . (وَ) سُنَّ (أَنْ يَقِفَهُ) أَيْ: الْهَدْيَ (بِعَرَفَةَ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى هَدْيًا إلَّا مَا وَقَفَهُ بِعَرَفَةَ. وَلَنَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْهَدْيِ نَحْرُهُ، وَنَفْعُ الْمَسَاكِينِ بِلَحْمٍ، وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَرِدْ بِإِيجَابِهِ دَلِيلٌ. (وَ) سُنَّ (إشْعَارُ بُدْنٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ، جَمْعُ: بَدَنَةٍ. (وَ) إشْعَارُ (بَقَرٍ بِشَقِّ صَفْحَةٍ يُمْنَى مِنْ سَنَامٍ) بِفَتْحِ السِّينِ (أَوْ) شَقِّ (مَحِلِّهِ) أَيْ: السَّنَامِ، مِمَّا لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ بَقَرٍ وَإِبِلٍ (حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ. وَ) سُنَّ (تَقْلِيدُهُمَا) أَيْ: الْبُدْنِ وَالْبَقَرِ (مَعَ) تَقْلِيدِ (غَنَمٍ النَّعْلَ وَآذَانَ قُرَبٍ وَعُرًى) بِضَمِّ الْعَيْنِ: جَمْعُ: عُرْوَةٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفَعَلَهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا، وَلِأَنَّهُ إيلَامٌ لِفَرْضٍ صَحِيحٍ، فَجَازَ كَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَالْحِجَامَةِ، وَفَائِدَتُهُ تَوَقِّي نَحْوِ لِصٍّ لَهَا، وَعَدَمُ اخْتِلَاطِهَا بِغَيْرِهَا.
وَسُنَّ أَنْ يَكُونَ بِالْمِيقَاتِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا بِهَا، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَةٍ، فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ مِنْهَا بِيَدِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَإِنْ بَعَثَ بِهَا فَمِنْ بَلَدِهِ وَأَمَّا الْغَنَمُ فَلَا تُشْعَرُ، لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ، وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute