الْمُتَعَيَّبُ (وَلَمْ يُجْزِهِ) ذَبْحُهُ عَمَّا بِذِمَّتِهِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِذِمَّتِهِ دَمٌ صَحِيحٌ، فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ دَمٌ مَعِيبٌ، وَيَعُودُ الْوُجُوبُ إلَى الذِّمَّةِ، كَمَا لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ، فَاشْتَرَى بِهِ مَكِيلًا، ثُمَّ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَعَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الذِّمَّةَ لَمْ تَبْرَأْ مِنْ الْوَاجِبِ بِالتَّعْيِينِ عَنْهُ، كَالدَّيْنِ يَضْمَنُهُ ضَامِنٌ، أَوْ يَرْهَنُ بِهِ رَهْنًا، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِالضَّامِنِ، وَالرَّهْنُ مَعَ بَقَائِهِ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ فَمَتَى تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الضَّامِنِ، أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ، بَقِيَ الْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ بِحَالِهِ، وَيَحْصُلُ التَّعْيِينُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِالْقَوْلِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْ بِذِمَّتِهِ دَمٌ وَاجِبٌ (نَظِيرُهُ) أَيْ: نَظِيرُ مَا تَعَيَّبَ (سَلِيمًا وَلَوْ زَادَ) الَّذِي عَيَّنَهُ (عَمَّا) أَيْ: عَنْ الَّذِي (بِذِمَّتِهِ كَبَدَنَةٍ عُيِّنَتْ) أَيْ: كَأَنْ عَيَّنَهَا (عَنْ شَاةٍ) فَتَعَيَّبَتْ الْبَدَنَةُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ نَظِيرُ الَّتِي تَعَيَّبَتْ، لِتَعَلُّقِ الْوَاجِبِ بِهَا، فَلَزِمَهُ مِثْلُهَا، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ (وَكَذَا لَوْ سُرِقَ) الْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (أَوْ ضَلَّ أَوْ غُصِبَ) فَيَلْزَمُهُ نَظِيرُهُ، وَلَوْ زَادَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا فَعَطِبَ أَوْ مَاتَ، فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ، وَإِنْ نَحَرَهُ جَازَ أَكْلُهُ مِنْهُ، وَيُطْعِمُ مَنْ شَاءَ، لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ) أَيْ: الْعَاطِبِ وَالْمَسْرُوقِ وَالضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ (لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ أَوْ تَعْيِينِهِ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَهْدَتْ هَدْيَيْنِ، فَأَضَلَّتْهُمَا، فَبَعَثَ إلَيْهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ بِهَدْيَيْنِ، فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ فَنَحَرَتْهُمَا، وَقَالَتْ: هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِذَبْحِ غَيْرِهِ بَدَلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute