مُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ (جَهْلًا) مِنْهُ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ، (ثُمَّ عَلِمَ) ذَلِكَ، (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ، وَلَا يَخْفَى حَالُهُ غَالِبًا، فَلَمْ يُعْذَرْ بِجَهَالَتِهِ، كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، (إلَّا) إذَا دَفَعَهَا (لِغَنِيٍّ ظَنَّهُ فَقِيرًا) ، فَيُجْزِئُهُ، لِأَنَّ الْفَقْرَ قَدْ يَخْفَى، «وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَعْطَى الرَّجُلَيْنِ الْجَلْدَيْنِ، وَقَالَ: وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» وَلَوْ اعْتَبَرَ حَقِيقَةَ انْتِفَاءِ الْغِنَى، لَمَا اكْتَفَى بِقَوْلِهِمَا. (وَ) إنْ دَفَعَهَا (لِمَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ) ، لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَاحْتَاجَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ، لِتَحْصِيلِ الْبَرَاءَةِ، وَالظَّنُّ يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ لِتَعَسُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ.
(وَلَوْ بَانَ مِنْهُمْ) كَمَا لَوْ هَجَمَ وَصَلَّى، فَبَانَ فِي الْوَقْتِ. (وَحَيْثُ دُفِعَتْ) الزَّكَاةُ (لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا، لِجَهْلِ دَافِعٍ) بِهِ، (وَجَبَ) عَلَى آخِذِهَا (رَدُّهَا لَهُ بِنَمَائِهَا مُطْلَقًا) ، مُتَّصِلًا كَانَ كَالسِّمَنِ، أَوْ مُنْفَصِلًا كَالْوَلَدِ، لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ.
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الزَّكَاةُ بِيَدِ قَابِضِهَا مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، (فَمِنْ ضَمَانِهِ) فَيَغْرَمُ مِثْلَ مِثْلِيٍّ، وَقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ، لِبُطْلَانِ قَبْضِهِ. (وَيُتَّجَهُ: هَذَا) الضَّمَانُ لَازِمٌ لَهُ إنْ قَبَضَهَا (مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا زَكَاةٌ) ، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِقَبْضِهَا، فَهُوَ كَالْغَاصِبِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا زَكَاةٌ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
[فَصْلٌ مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ]
(فَصْلٌ) (مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ) مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ: «لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ» وَلِأَنَّهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ الَّذِي فُرِضَ لَهُ. (وَمَنْ لَا) يُبَاحُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ كَالْغَنِيِّ، لَا يُبَاحُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، (فَلَا) يُبَاحُ لَهُ سُؤَالُهُ. قَالَ أَحْمَدُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute