[بَابُ الْهِبَةِ]
(بَابُ الْهِبَةِ) أَصْلُهَا مِنْ هُبُوبِ الرِّيحِ؛ أَيْ: مُرُورِهِ، يُقَالُ: وَهَبْتُ لَهُ وَهْبًا، بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا، وَهِبَةً، وَاسْمُ الْمُوهِبِ وَالْمُوهِبَةِ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِيهِمَا؛ وَالِاتِّهَابُ قَبُولُ الْهِبَةِ، وَالِاسْتِيهَابُ سُؤَالُ الْهِبَةِ، وَتَوَاهَبَ الْقَوْمُ؛ أَيْ وَهَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَوَهَبْته كَذَا، لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَقَدْ تُطْلَقُ الْهِبَةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ كَمَا فِي الْخَبَرِ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً، ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ» وَفِي الْمُحْكَمِ ": لَا يُقَالُ: وَهَبَكَهُ، وَعَنْ السِّيرَافِيِّ، أَنَّ بَعْضَ الْأَعْرَابِ قَالَ: انْطَلِقْ مَعِي أَهَبْكَ نَبْلَةً. وَهِيَ شَرْعًا (تَمْلِيكُ) خَرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةُ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ (مَالًا) خَرَجَ بِهِ الْكَلْبُ وَنَحْوُهُ (مَعْلُومًا) يَصِحُّ بَيْعُهُ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا، (أَوْ) مَالًا (مَجْهُولًا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ) كَدَقِيقٍ اخْتَلَطَ بِدَقِيقٍ لِآخَرَ، فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مِلْكَهُ مِنْهُ؛ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، لِلْحَاجَةِ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ) فَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَعْدُومِ كَمَا تَحْمِلُ أَمَتَهُ أَوْ شَجَرَتَهُ، وَلَا هِبَةُ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ، كَبَيْعِهِ (غَيْرَ وَاجِبٍ) عَلَى مُمَلِّكِهِ، فَلَا تَسَمَّى نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ وَنَحْوِهِمَا هِبَةً، لِوُجُوبِهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّمْلِيكُ مُنَجَّزًا (فِي الْحَيَاةِ) خَرَجَ الْوَصِيَّةُ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكٍ (بِلَا عِوَضٍ) مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ فَبَيْعٌ، وَيَأْتِي (بِمَا يُعَدُّ هِبَةً) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، كَإِرْسَالِ هَدِيَّةٍ وَدَفْعِ دَرَاهِمَ لِفَقِيرٍ (عُرْفًا) كَالْمُعَاطَاةِ، وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْعَطِيَّةُ مَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَكُلُّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِلَا عِوَضٍ (بِخِلَافِ عَارِيَّةٍ) فَإِنَّهَا إبَاحَةٌ (وَنَحْوِ كَلْبٍ) كَخَمْرٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (وَحَمْلٍ) لِجَهَالَتِهِ وَتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ (وَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ) لِوُجُوبِهَا (وَوَصِيَّةٍ) إذْ هِيَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute