بِهِ، (وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ) الضِّرْسُ، (وَامْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ قَلْعِهِ؛ لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى قَلْعِهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ مِنْ الْآدَمِيِّ مُحَرَّمٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ إذَا صَارَ بَقَاؤُهُ ضَرَرًا، أَوْ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى كُلِّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَصَاحِبُ الضِّرْسِ أَعْلَمُ بِمَضَرَّتِهِ وَنَفْعِهِ وَقَدْرِ أَلَمِهِ. .
[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ ضَرْبَيْ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْفَعَةٍ بِذِمَّةٍ]
(فَصْلٌ) (الضَّرْبُ الثَّانِي) مِنْ ضَرْبَيْ الْإِجَارَةِ: أَنْ تَكُونَ (عَلَى مَنْفَعَةٍ بِذِمَّةٍ) ، وَهِيَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ؛ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِحَمْلِ هَذِهِ الْغِرَارَةِ الْبُرِّ إلَى مَحَلِّ كَذَا عَلَى بَعِيرٍ تُقِيمُهُ مِنْ مَالِكَ بِكَذَا. وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلٍّ مَوْصُوفٍ؛ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِحَمْلِ غِرَارَةِ بُرٍّ صِفَتُهُ كَذَا إلَى مَكَّةَ بِكَذَا.
(وَشَرَطَ ضَبْطَهَا) - أَيْ: الْمَنْفَعَةِ - (بِمَا) - أَيْ وَصْفٍ - (لَا يَخْتَلِفُ) بِهِ الْعَمَلُ؛ (كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ) يُذْكَرُ قَدْرُهُ وَجِنْسُهُ وَصِفَتُهُ لِخِيَاطَةٍ، (وَبِنَاءِ دَارٍ) يَذْكُرُ الْآلَةَ وَنَحْوَهَا؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَحَمْلٍ) لِشَيْءٍ يَذْكُرُ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ، وَأَنَّ الْحَمْلَ (لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) ؛ لِيَحْصُلَ الْعِلْمُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ (كَحَمْلِ جَمَاعَةٍ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ) ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَدِهِمْ، (فَمَا) - أَيْ: كُلُّ مَوْضِعٍ - (وَقَعَ) الْعَقْدُ (عَلَى مُدَّةٍ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ ظَهْرٍ يُحْمَلُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَالْغَرَضُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ.
(وَ) إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ (عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ) - أَيْ: مَعْرِفَةُ الظَّهْرِ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ - لِأَنَّ الْقَصْدَ الْعَمَلُ، وَحَيْثُ ضُبِطَ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ، (أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى (رُكُوبِ عَقَبَةٍ، بِأَنْ يَرْكَبَ تَارَةً وَيَمْشِيَ أُخْرَى) ؛ لَمْ يُشْتَرَطْ مَعْرِفَةُ رُكُوبٍ؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِهَا، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ اكْتِرَاؤُهَا فِي الْجَمِيعِ؛ جَازَ فِي الْبَعْضِ، (وَ) لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَقَبَةِ مَعْلُومَةً، (فَتُقَدَّرُ بِمَسَافَةٍ) كَفَرَاسِخَ مَعْلُومَةٍ؛ بِأَنْ يَرْكَبَ فَرْسَخًا وَيَمْشِيَ آخَرَ، (أَوْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute