[فَصْلٌ فِي تَعْلِيق عِتْقٍ بِصِفَةٍ]
(فَصْلٌ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَ) قَوْلِهِ (إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، فَصَحَّ كَالتَّدْبِيرِ (وَلَا يَمْلِكُ) السَّيِّدُ (إبْطَالَهُ) ؛ أَيْ: التَّعْلِيقِ (مَا دَامَ مِلْكَهُ) عَلَى الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ أَلْزَمَهَا نَفْسَهُ، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا بِالْقَوْلِ كَالنَّذْرِ، وَلَوْ اتَّفَقَ السَّيِّدُ وَالرَّقِيقُ عَلَى إبْطَالِهِ؛ لَمْ يَبْطُلْ لِذَلِكَ (وَلَا يَعْتِقُ) مَقُولٌ لَهُ: إنْ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا (بِإِبْرَاءِ) سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ يُبْرِئُهُ مِنْهُ (وَيَسْتَمِرُّ التَّعْلِيقُ) إلَى الْأَدَاءِ (فَإِذَا أَدَّى) الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ (الْأَلْفَ كُلَّهُ عَتَقَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَمَا فَضَلَ عَنْهُ) ؛ أَيْ: الْأَلْفِ بِيَدِ رَقِيقٍ (فَلِسَيِّدٍ) كَالْمُنْجَزِ عِتْقُهُ، وَمَا يَكْسِبُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُهُ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ يَحْسِبُ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَلْفِ، فَإِذَا كَمُلَ أَدَاؤُهُ؛ عَتَقَ، وَلَا يَكْفِيه إعْطَاؤُهُ مِنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ (وَ) إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَجِيءِ وَقْتٍ كَقَوْلِهِ (أَنْتَ حُرٌّ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ) لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَجِيءَ رَأْسُ الْحَوْلِ (أَوْ) قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ (إلَى أَنْ يَجِيءَ فُلَانٌ فَحَتَّى يُوجَدَ) الْمَجِيءُ.
قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إلَى أَنْ يَقْدُمَ فُلَانٌ وَيَجِيءَ فُلَانٌ، وَإِلَى رَأْسِ السَّنَةِ، وَإِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، إنَّمَا يُرِيدُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الْهِلَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا؛ كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ.
(وَلَهُ) ؛ أَيْ: السَّيِّدِ (أَنْ يَطَأَ) أَمَةً عَلَّقَ عِتْقَهَا بِصِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا الْعِتْقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ إبَاحَةَ الْوَطْءِ كَالِاسْتِيلَادِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ؛ فَإِنَّهَا اشْتَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَمَلَكَتْ أَكْسَابَهَا وَمَنَافِعَهَا
(وَ) لِلسَّيِّدِ أَنْ (يَقِفَ) رَقِيقًا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ قَبْلهَا (وَ) لَهُ أَنْ (يَنْقُلَ مِلْكَ مِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ) بِصِفَةٍ (قَبْلَهَا) ثُمَّ إنْ وُجِدَتْ وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِحَدِيثِ: «لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَلَا بَيْعَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» .
وَلِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ عِتْقُهُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ (وَإِنْ عَادِ مِلْكُهُ) ؛ أَيْ: الْمُعَلِّقِ بِشِرَائِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute