(وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاحٍ) ؛ بِأَنْ عَدِمَ الْمُبَاحَ (لَمْ يَأْكُلْ مِنْ حَرَامٍ مَا) - أَيْ: شَيْئًا - (لَهُ غُنْيَةً عَنْهُ؛ كَحَلْوَى وَفَاكِهَةٍ) .
قَالَهُ النَّوَوِيُّ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ " (وَيَأْكُلُ عَادَتَهُ) ؛ إذْ لَا مُبِيحَ لِلزِّيَادَةِ عَمَّا تَنْدَفِعُ بِهِ حَاجَتُهُ. .
(وَمَنْ نَوَى جَحْدَ مَا بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ) - أَيْ: مِنْ الْغُصُوبِ وَالْأَمَانَاتِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا - (أَوْ) نَوَى جَحْدَ (حَقٍّ) - أَيْ: دَيْنٍ - (عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ رَبِّهِ؛ فَثَوَابُهُ لَهُ) ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ جَحْدِهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ إتْلَافِهِ إذَنْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِوَرَثَةِ رَبِّهِ بِمَوْتِهِ، فَكَانَ ثَوَابُهُ لَهُ، (وَإِلَّا) يَنْوِ جَحْدَهُ حَتَّى مَاتَ رَبُّهُ فَثَوَابُهُ (لِوَرَثَتِهِ) . نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُدِمَ عَلَيْهِمْ.
(وَلَوْ نَدِمَ) غَاصِبٌ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَقَدْ مَاتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، (وَرَدَّ مَا غَصَبَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ بَرِئَ مِنْ إثْمِهِ) ؛ أَيْ: إثْمِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ؛ لِوُصُولِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَلَا يَبْرَأُ (مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ) ، بَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ إثْمُ مَا أَدْخَلَ عَلَى قَلْبِ مَالِكِهِ مِنْ أَلَمِ الْغَصْبِ وَمَضَرَّةِ الْمَنْعِ مِنْهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، (فَيَفْتَقِرُ لِتَوْبَةٍ) ؛ إذْ لَا يَزُولُ إثْمُ ذَلِكَ إلَّا بِهَا، هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ.
وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَنَّ بِالضَّمَانِ وَالْقَضَاءِ بِلَا تَوْبَةٍ يَزُولُ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَيَبْقَى مُجَرَّدُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَذَكَرَ الْمَجْدُ فِيمَنْ أَدَانَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ، فَيَعْجِزُ لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِيمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحِلُّ وِفَاقٍ. .
(وَلَوْ رَدَّهُ) - أَيْ: الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَنَحْوَهُ (وَرَثَةُ غَاصِبٍ) بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَوْتِ مَالِكِهِ (لِوَرَثَةِ مَغْصُوبٍ مِنْهُ؛ فَلَهُ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ (مُطَالَبَتُهُ) - أَيْ: الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ - (فِي الْآخِرَةِ) نَصًّا؛ لِأَنَّ الْمَظَالِمَ لَوْ انْتَقَلَتْ لَمَا اسْتَقَرَّ لِمَظْلُومٍ حَقٌّ فِي الْآخِرَةِ، وَلِأَنَّهَا ظِلَامَةٌ عَلَى مَنْ مَاتَ، وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا بِرَدٍّ وَلَا تَبْرِئَةٍ، فَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ بِرَدِّ غَيْرِهِ لَهَا إلَى غَيْرِ الْمَظْلُومِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَرِثَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ، فَتَصَدَّقُوا بِالْغَصْبِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ.
[فَرْعٌ يَجِبُ عَلَى غَاصِبٍ بِلَا عُذْرٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ رَدُّ مَغْصُوبٍ فَوْرًا]
(فَرْعٌ: يَجِبُ) عَلَى غَاصِبٍ (بِلَا عُذْرٍ) يَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ؛ كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَغْصُوبٍ وَغَيْرِهِ إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ يُعَاقَبُ (رَدُّ مَغْصُوبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute