وَصَارُوا) كُلُّهُمْ (كَأَهْلِ حَرْبٍ) لِقِتَالِهِمْ لَنَا كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِهِ (لَا إنْ ادَّعَوْا) ؛ أَيْ: أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ الْعَهْدِ (شُبْهَةً ك) ظَنِّ (وُجُوبِ إجَابَتِهِمْ) ؛ أَيْ: الْبُغَاةِ؛ لِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ؛ وَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ الْبُغَاةُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ، أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْقِتَالُ مَعَهُمْ، وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ النَّقْضِ.
(وَيَضْمَنُونَ) ؛ أَيْ: أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدُ (مَا أَتْلَفُوهُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ) كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِإِتْلَافِهِ، بِخِلَافِ الْبُغَاةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّضْمِينُ يُنَافِيه؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَعَدَاوَتُهُمْ قَائِمَةٌ مَا دَامُوا كَذَلِكَ؛ فَلَا ضَرَرَ فِي تَضْمِينِهِمْ.
(وَإِنْ اسْتَعَانُوا) ؛ أَيْ: الْبُغَاةُ (بِأَهْلِ حَرْبٍ وَأَمَّنُوهُمْ ف) أَمَانُهُمْ (كَعَدَمِهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ عَقَدُوهُ عَلَى قِتَالِنَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ؛ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِعِصْمَتِهِمْ، فَيُبَاحُ قَتْلُهُمْ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ، وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ (إلَّا أَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى بُغَاةٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَنُّوهُمْ، فَلَا يَغْدِرُونَهُمْ.
[فَصْلٌ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ]
فَصْلٌ (وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ) كَتَكْفِيرِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ مِثْلِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَاسْتِحْلَالِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ (وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ) ؛ أَيْ: لَمْ يَجْتَمِعُوا لِلْحَرْبِ (لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَخْطُبُ، فَقَالَ رَجُلٌ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، تَعْرِيضًا بِالرَّدِّ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ مِنْ تَحْكِيمِهِ، فَقَالَ: عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، ثُمَّ قَالَ: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ، وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute