بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ؛ فَيَجُوزُ لِمَنْ كَانَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ عَالِمٍ لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَطَالِبِ الْعِلْمِ كَذَلِكَ، وَصُوفِيٍّ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا وَقَفُوهُ غَيْرِ مُتَقَيِّدٍ بِمَا شَرَطُوهُ، وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الِاسْتِنَابَةُ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، وَيَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ، وَلَا اسْتَنَابَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لَمْ يَحِلَّ الْأَكْلِ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ - وَلَوْ قَرَّرَهُ النَّاظِرُ وَبَاشَرَ الْوَظِيفَةَ - لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ بِجُعْلِ أَحَدٍ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا (مَنْ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ، قُوِّمَ لَهُمْ رَوَاتِبُ أَضْعَافُ حَاجَاتِهِمْ) أَيْ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَقُوِّمَ لَهُمْ جِهَاتٌ مَعْلُومُهَا كَثِيرٌ يَأْخُذُونَهُ وَيَسْتَنِيبُونَ) فِي الْجِهَاتِ (بِيَسِيرٍ) مِنْ الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ غَرَضِ الْوَاقِفِينَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَالنِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ) مِنْ تَدْرِيسٍ وَإِمَامَةٍ وَخَطَابَةٍ وَأَذَانٍ وَغَلْقِ بَابٍ وَنَحْوِهَا (جَائِزَةٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ) وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ: وَلَوْ نَهَى الْوَاقِفُ عَنْهُ (إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَ مُسْتَنِيبِهِ) فِي كَوْنِهِ أَهْلًا لِمَا اُسْتُنِيبَ فِيهِ (وَلَا مَفْسَدَةَ) رَاجِحَةٌ انْتَهَى. وَجَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ كَالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَبِنَاءِ الْحَائِطِ.
[فَصْلٌ أَجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفِ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ بِأَنْقَصَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ]
(فَصْلٌ: وَلَوْ أَجَرَ نَاظِرُ الْوَقْفِ) الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ (بِأَنْقَصَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ صَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (وَضَمِنَ) النَّاظِرُ (نَقْصًا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ) فِي الْعَادَةِ إنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ، فَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ بِعَقْدِهِ كَالْوَكِيلِ إذَا بَاعَ أَوْ أَجَرَ بِدُونِ ثَمَنٍ أَوْ أَجْرِ الْمِثْلِ.
(وَلَا تُفْسَخُ) الْإِجَارَةُ حَيْثُ صَحَّتْ (لَوْ طُلِبَ) الْوَقْفُ (بِزِيَادَةٍ) عَنْ الْأُجْرَةِ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ.
قَالَ " الْمُنَقَّحُ " (وَمَنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى) لِنَفْسِهِ (فِيمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَهُوَ) أَيْ: الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ لَهُ، أَيْ: الْغَارِسِ أَوْ الْبَانِي (مُحْتَرَمٌ) لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِحَقٍّ.
قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute