السَّنَةِ (الْمَاضِيَةِ) الَّتِي لَمْ يَتَعَطَّلْ مُغِلُّهَا لِتَقْوِيمِ الْوَظِيفَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ التَّعْطِيلِ، وَلَا يُنْقِصُ الْإِمَامُ بِسَبَبِ تَعَطُّلِ الزَّرْعِ بَعْضَ الْعَامِ (وَ) قَالَ (فِي " الْفُرُوعِ ") فَقَدْ أَدْخَلَ يَعْنِي الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ مُغِلَّ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ، وَقَدْ (أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَّا) ؛ أَيْ: الْحَنَابِلَةِ (فِي زَمَانِنَا فِيمَا نَقَصَ عَمَّا قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ كُلَّ شَهْرٍ أَنَّهُ يُتَمِّمُ مَا بَعْدَهُ) وَحَكَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ انْتَهَى.
وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: إذَا وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الْحَرَمِ وَعِمَارَتِهِ؛ فَالْقَائِمُونَ بِالْوَظَائِفِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَسْجِدُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَالْحِفْظِ وَالْفَرْشِ وَفَتْحِ الْأَبْوَابِ وَإِغْلَاقِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ (وَمَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْوَقْفِ فَكَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ رِزْقٌ (لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِلْمِ، لَا كَجُعْلٍ، أَوْ) ؛ أَيْ: (لَا) كَ (أُجْرَةٍ) عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَلِذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى نَوْعِ الْقُرْبِ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الْمَشْرُوطِ فِي الْوَقْفِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ فِي النَّاظِرِ (وَكَذَا مَا وُقِفَ عَلَى أَعْمَالِ بِرٍّ وَمُوصًى بِهِ وَمَنْذُورٌ لَهُ) لَيْسَ كَالْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: وَلَا يُقَالُ إنَّ مِنْهُ مَا يُؤْخَذُ أُجْرَةٌ عَنْ عَمَلٍ كَالتَّدْرِيسِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَوَّلًا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ مَحْضَةٌ، بَلْ هُوَ رِزْقٌ وَإِعَانَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأَمْوَالِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " قُلْت: وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَرْطٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ انْتَهَى. وَهَذَا فِي الْأَوْقَافِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَمَّا الْأَوْقَافُ الَّتِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَوْقَافِ الْأُمَرَاءِ أَوْ الْمُلُوكِ فَلَيْسَتْ بِأَوْقَافٍ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هِيَ أَوْقَافٌ بِالصُّورَةِ، فَكُلُّ مَنْ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْهَا - وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْمَشْرُوطَ - كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ " الْمُنْتَهَى " مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي وَقْفِ جَامِعِ طُولُونَ وَنَحْوِهِ.
وَفِي " الْيَنْبُوعِ لِلسُّيُوطِيِّ " فَرْعٌ ": نَذْكُرُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ فِي الْوَظَائِفِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَوْقَافِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ كُلِّهَا، إنْ كَانَ لَهَا أَصْلٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute