[فَصْلٌ الْمُرْتَدّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ]
فَصْلٌ
(وَمَنْ ارْتَدَّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) عَنْ مَالِهِ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ وَكَالْقَاتِلِ فِي الْمُحَارِبَةِ (وَيَمْلِكُ) مُرْتَدٌّ (بِتَمْلِيكٍ) مِنْ هِبَةٍ وَاحْتِشَاشٍ وَصَيْدٍ وَشِرَاءٍ وَإِيجَارِ نَفْسِهِ إجَارَةٍ خَاصَّةً أَوْ مُشْتَرَكَةً لِأَنَّ عَدَمَ عِصْمَتِهِ لَا يُنَافِي صِحَّةَ ذَلِكَ كَالْحَرْبِيِّ.
(وَيُمْنَعُ) مُرْتَدٌّ (التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ خَاصَّةً) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَإِجَارَةٍ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ كَمَالِ الْمُفْلِسِ (لَا) إنْ تَصَرَّفَ (بِوَكَالَةٍ عَنْ غَيْرِهِ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَأُرُوشُ جِنَايَاتِهِ، وَلَوْ جَنَاهَا بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ فِي فِئَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ) لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ تَحْتَ حُكْمِنَا بِخِلَافِ الْبُغَاةِ
(أَوْ) كَانَ الْمُرْتَدُّ (قَتَلَ) إنْسَانًا (خَطَأً) وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ وَكَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ.
قَالَ الْقَاضِي: تُؤْخَذُ مِنْهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْ عَاقِلَةٍ، فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أُخِذَتْ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ.
[تَنْبِيهٌ إذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ لَمْ يَصِحَّ]
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ كَنِكَاحِ الْكَافِرِ مُسْلِمَةً، أَوْ زُوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ، أَوْ زُوِّجَ أَمَتَهُ؛ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَلِزَوَالِ وِلَايَتِهِ بِالرِّدَّةِ.
(وَيُنْفَقُ) مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ (عَلَيْهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ شَرْعًا كَالدَّيْنِ (فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ) فِي مَالِهِ، (وَإِلَّا) يُسْلَمُ بِأَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ مُرْتَدًّا (صَارَ مَالُهُ فَيْئًا مِنْ حِينِ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا) لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ، وَبَطَلَ تَصَرُّفُهُ الَّذِي كَانَ تَصَرَّفَهُ فِي رِدَّتِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِقَطْعِ ثَوَابِهِ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute