فِيمَا بَعْدَ اقْتِرَاضِهَا مِنْ مَالِكِهَا أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ لِلَّذِي اغْتَصَبَهَا، وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ أَعَارَهُ؛ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِدُخُولِهِ عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةٍ، كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ؛ وَكَمَا لَوْ زَوَّجَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ غَصْبِهَا، وَتَصِيرُ بِيَدِهِ أَمَانَةً؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَغْصِبْهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهَا؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَغْصُوبِ حَصَلَ بِأَمْرِ مَالِكِهِ، وَبَقَاؤُهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ حَصَلَ بِرِضَى مَالِكِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ غَصْبٌ.
(وَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا، فَغَرَسَ) فِيهَا، (أَوْ بَنَى فِيهَا، فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً) لِغَيْرِ بَائِعِهَا، (وَقَلَعَ غَرْسَهُ) - أَيْ: غَرْسَ الْمُشْتَرِيَ - (وَبِنَاءَهُ) ؛ لِكَوْنِهِ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ (رَجَعَ) مُشْتَرٍ (عَلَى بَائِعٍ بِمَا غَرِمَهُ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (مِنْ ثَمَنٍ) أَقْبَضَهُ، (وَأُجْرَةِ غَارِسٍ وَبَانٍ وَثَمَنِ مُؤَنٍ) مُسْتَهْلَكَةٍ (وَأَرْشِ نَقْصٍ بِقَلْعٍ) وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأُجْرَةِ دَارٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّ الْمُشْتَرِيَ بِبَيْعِهِ إيَّاهَا، وَأَوْهَمَهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي غِرَاسِهِ وَبِنَائِهِ وَانْتِفَاعِهِ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ.
وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي (بِمَا أَنْفَقَ عَلَى قِنٍّ وَحَيَوَانٍ وَخَرَاجِ أَرْضٍ) - إذَا اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً وَغَرِمَ خَرَاجَهَا، ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً؛ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي؛ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ؛ (لِأَنَّهُ) - أَيْ: الْمُشْتَرِيَ - (دَخَلَ فِي الشِّرَاءِ مُلْتَزِمًا ضَمَانَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي النَّفَقَةَ عَلَى الْمَبِيعِ وَدَفْعِ خَرَاجِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْت: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا خَرَجَتْ مَغْصُوبَةً؛ كَمَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْحُرَّةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَبَيْعُ لْخَرَاجِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَالْمُرَادُ هُنَا إذَا حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ النُّزُولُ عَنْهَا لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِفَاعِ وَوَزْنِ الْخَرَاجِ كَمَا يَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.
(وَيَجُوزُ تَمَلُّكُ زَرْعِهِ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - بِبَدَلِ بَذْرِهِ وَعِوَضِ لَوَاحِقِهِ، (وَمَنْ) اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ (أُخِذَ) ؛ أَيْ: اُنْتُزِعَ (مِنْهُ بِحُجَّةٍ) مُطْلَقَةٍ؛ أَيْ: بِأَنْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ بِأَنْ لَمْ تَقُلْ: مَلَكَهُ مِنْ وَقْتِ كَذَا (مَا اشْتَرَاهُ) مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ (رَدَّ بَائِعُهُ) لِلْمُشْتَرِي (مَا قَبَضَهُ) مِنْهُ مِنْ الثَّمَنِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute