الْآيَةَ، ثُمَّ صَارَتْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ، وَخُمُسُهَا لِغَيْرِهِمْ، (وَخُصَّتْ بِهَا) ، أَيْ: الْغَنِيمَةِ، (هَذِهِ الْأُمَّةُ) دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأُمَمِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرَكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَهِيَ) ، أَيْ: الْغَنِيمَةُ: (مَا أُخِذَ مِنْ مَالٍ حَرْبِيٍّ) خَرَجَ بِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِزْيَةٍ أَوْ خَرَاجٍ وَنَحْوِهِ (قَهْرًا بِقِتَالٍ) خَرَجَ بِهِ مَا جَلَوْا، (وَتَرَكُوهُ) فَزَعًا وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ الْعُشْرِ إذَا اتَّجَرُوا إلَيْنَا وَنَحْوُهُ.
(وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا أُخِذَ) مِنْ (فِدْيَةِ) أَسْرَى (أَوْ هَدِيَّةٍ لِلْأَمِيرِ أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ) الْغَانِمِينَ (بِدَارِ حَرْبٍ وَ) ، أَمَّا الْحَاصِلُ لِلْأَمِيرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْهَدَايَا (بِدَارِنَا) فَهُوَ (لِمُهْدَى لَهُ) بِلَا نِزَاعٍ.
(وَيَمْلِكُ أَهْلُ حَرْبِ مَا لَنَا بِقَهْرٍ) حَتَّى عَبْدَ مُسْلِمٍ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ الْمُسْلِمُ مَالَ الْكَافِرِ، فَكَذَا عَكْسُهُ، كَالْبَيْعِ، وَكَمَا يَمْلِكُ بَعْضُهُمْ مَالَ بَعْضٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ (مِلْكًا مُقَيَّدًا لَا يُسَاوِي أَمْلَاك الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى) لِأَنَّ مَالَ الْمُسْلِمِ إذَا أَدْرَكَهُ يَأْخُذُهُ إمَّا مَجَّانًا أَوْ بِالثَّمَنِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، فَيَمْلِكُ أَهْلُ حَرْبٍ مَا أَخَذُوهُ مِنَّا قَهْرًا، (وَلَوْ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ) ، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " (أَوْ) ، أَيْ: وَيَمْلِكُونَ مَا (شَرَدَ) إلَيْهِمْ مِنْ دَوَابِّنَا (أَوْ أَبَقَ) إلَيْهِمْ مِنْ رَقِيقِنَا (وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ) كَانَ الْآبِقُ (قِنًّا مُسْلِمًا) ، فَيَمْلِكُونَهُ، لِأَنَّهُ مَالٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْقَوَاعِدِ "، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَتَذْكِرَةِ " ابْنِ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " " وَالْمُحَرَّرِ " وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute