الشَّيْءُ الثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ عِنِّينًا) لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ وَلَوْ لِكِبَرٍ (أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) أُجِّلَ سَنَةً لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى (مَنْ) خُلِقَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِجَبٍّ أَوْ شَلَلٍ؛ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَأْيُوسٌ مِنْهُ، فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِ، قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ. وَالْعِنِّينُ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إيلَاجِ ذَكَرِهِ فِي الْفَرْجِ، مَأْخُوذٌ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ إذَا اعْتَرَضَ؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُولِجَهُ أَيْ: يَعْتَرِضُ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِامْرَأَةِ الْعِنِّينِ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً هِلَالِيَّةً. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ كَالْجَبِّ، وَأَمَّا قِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ فَلَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ، وَلَا طُلِبَ مِنْ الْمَرْأَةِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ طَلَاقٍ، فَلَا مَعْنَى لِضَرْبِ الْمُدَّةِ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَمَتَى ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَجْزَ زَوْجِهَا عَنْ الْوَطْءِ لِعُنَّةٍ (بِأَنْ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ: الْعُنَّةَ (أَوْ ثَبَتَتْ) عُنَّتُهُ (بِبَيِّنَةِ إقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنِّينٌ) ، كَأَنْ يَقُولَ: أَنَا عِنِّينٌ أَوْ عَاجِزٌ عَجْزَ خِلْقَةٍ، أَوْ عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ مُذْ كَيْت، أَوْ لَمْ يَنْتَشِرْ عَلَيَّ ذَكَرِي قَطُّ، أَوْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ لَا أَدْرِي هَلْ هُوَ عَجْزُ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِ عُنَّةٍ، أَوْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، أَوْ لَسْت أَدْرِي مَا سَبَبُهُ وَلَمْ أَكُنْ عَاجِزًا قَبْلَ هَذَا، أَوْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ لِدَاءٍ عَرَضَ لِي أَوْ لِأَنِّي مَطْبُوبٌ وَنَحْوُهُ، قَالَهُ فِي " شَرْحِ الْمُحَرَّرِ "، قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالثِّقَةِ عُمِلَ بِهَا (أَوْ عُدِمَا) أَيْ: الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ (فَطَلَبَتْ) الزَّوْجَةُ (يَمِينَهُ فَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا) قَبْلَ دَعْوَاهَا (أُجِّلَ) وَلَوْ عَبْدًا (سَنَةً هِلَالِيَّةً) أَيْ: اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا هِلَالِيًّا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيٌّ: هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ حَيْثُ أَطُلَقُو السَّنَةَ، أَرَادُوا بِهَا الْهِلَالِيَّةَ، وَلَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ الْفُصُولَ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": قُلْت: الْخَطْبُ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ، وَالْمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ، فَإِنَّ زِيَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute