السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ أَوْ خُمْسُ يَوْمٍ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَابْتِدَاءُ السَّنَةِ (مُنْذُ تَرَافُعِهِ) إلَى الْحَاكِمِ، فَيَضْرِبُ لَهُ الْمُدَّةَ، وَلَا يَضْرِبُهَا غَيْرُهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً. وَلِأَنَّ الْعَجْزَ قَدْ يَكُونُ لِعُنَّةٍ وَقَدْ يَكُونُ لِمَرَضٍ فَتُضْرَبُ لَهُ سَنَةٌ لِتَمُرَّ بِهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ يُبْسٍ زَالَ فِي فَصْلِ الرُّطُوبَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّطُوبَةِ زَالَ فِي فَصْلِ الْيُبْسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بُرُودَةٍ زَالَ فِي فَصْلِ الْحَرَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ احْتِرَاقِ مِزَاجٍ، زَالَ فِي فَصْلِ الِاعْتِدَالِ، فَإِذَا مَضَتْ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ الْأَهْوِيَةُ، وَلَمْ يَزُلْ، عُلِمَ أَنَّهُ خِلْقَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الطِّبِّ قَالُوا: الدَّاءُ لَا يَسْجُنُ فِي الْبَدَنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةِ، ثُمَّ يَظْهَرُ. انْتَهَى. وَلَا يُعْتَبَرُ عَنْهُ إلَّا (بَعْدَ بُلُوغِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَجْزُهُ لِصِغَرٍ لَا خِلْقَةٍ (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ: السَّنَةِ (مَا اعْتَزَلَهُ) أَيْ: مُدَّةَ اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ لَهُ بِنُشُوزٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَقَطْ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهَا، وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنْهَا أَوْ سَافَرَ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَكَالْوَلِيِّ (فَإِنْ مَضَتْ) السَّنَةُ (وَلَمْ يَطَأْهَا) فِيهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ جُبَّ ذَكَرُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِفِعْلِهَا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ مِنْ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ إذَنْ لِلتَّأْجِيلِ، وَالْفَسْخُ حِينَئِذٍ لِلْجَبِّ لَا لِلْعُنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ قَالَ ثَابِتُ عُنَّةٍ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ إيَّاهَا (وَهِيَ ثَيِّبٌ؛ فَقَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ وُجُودُ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْعُنَّةِ (كَ) مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجٌ ثَابِتُ الْعُنَّةِ وَطْءَ (بِكْرٍ) بَعْدَ أَنْ أُجِّلَ، فَأَنْكَرَتْ، وَشَهِدَ بِعُذْرَتِهَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، لِأَنَّ وُجُودَ الْعُذْرَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُهَا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَطْأَهَا، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْبَكَارَةِ أَحَدٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (أَزَلْت بَكَارَتَهَا وَعَادَتْ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِيَمِينِهَا (فَإِنْ شُهِدَ لَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ؛ أَيْ: شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ (بِزَوَالِهَا) أَيْ: الْبَكَارَةِ (فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْعِنِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute