لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَصِّ الْكِتَابِ (وَفِي قَذْفِ غَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلَانِ؛ صَحَّحَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (أَنَّهُ كَهُوَ) ؛ أَيْ كَقَذْفِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَالثَّانِي أَنَّهُ كَسَبِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، لِعَدَمِ نَصٍّ خَاصٍّ.
(وَيَتَّجِهُ) مَحَلَّ كَوْنِ قَذْفِ إحْدَى نِسَائِهِ الطَّاهِرَاتِ غَيْرَ عَائِشَةَ (فِي حَيَاتِهِ خَاصَّةً لِتَنْقِيصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْغَضَاضَةِ وَالْعَارِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهَذَا مَفْقُودٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَذَا قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ وُقُوعِ ذَلِكَ، فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ كَذَا قَالَ: مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبُ الِاحْتِرَامِ حَيًّا وَمَيِّتًا، بَلْ جُرْمُ مُتَنَقَّصِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَعْظَمُ مِنْ جُرْمِ مَنْ تَنَقَّصَهُ فِي حَيَاتِهِ؛ إذْ يُمْكِنُ فِي حَيَاتِهِ الْعَفْوُ عَمَّنْ فَرَطَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْعَفْوُ مُتَعَذَّرٌ وَلَا رَيْبَ أَنَّ أَذَاهُ بِقَذْفِ نِسَائِهِ الطَّاهِرَاتِ أَعْظَمُ مِنْ أَذَاهُ بِنِكَاحِهِنَّ بَعْدَهُ
(أَوْ زَعَمَ أَنْ الصَّحَابَةَ ارْتَدُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نَفَرًا قَلِيلًا لَا يَبْلُغُونَ بِضْعَةَ عَشْرَ) نَفْسًا (أَوْ زَعَمَ أَنَّهُمْ فَسَقَوْا، كَفَرَ فِي الْكُلِّ) ؛ أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِمَا نَصَّهُ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الرِّضَا عَنْهُمْ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، بَلْ مَنْ شَكَّ فِي مِثْلِ هَذَا فَكُفْرُهُ مُتَعَيَّنٌ فَإِنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ نَقَلَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كُفَّارٌ أَوْ فُسَّاقٌ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ الَّتِي هِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَخَيْرُهَا هُوَ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ كَانَ عَامَّتُهُمْ كُفَّارًا أَوْ فُسَّاقًا، وَمَضْمُونُهَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ شَرُّ الْأُمَمِ، وَأَنَّ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمْ شِرَارُهَا، وَكُفْرُ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
(قَالَ: الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (فِي) كِتَابِهِ (الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ) وَقَالَ: وَلِهَذَا تَجِدُ عَامَّةَ مَنْ ظَهَرَ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ؛ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ، وَعَامَّةُ الزَّنَادِقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute