تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ لَهَا (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ، وَلَوْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا وَيَمِينًا) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ أَوْقَعَهُ فِي امْرَأَتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الظِّهَارِ أَوْلَى مِنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَبِينُ بِهِ الْمَرْأَةُ؛ وَهَذَا يُحَرِّمُهَا مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجَةِ، فَحَمْلُهُ عَلَى أَدْنَى التَّحْرِيمِ أَوَّلًا (لَا إنْ زَادَ بَعْدُ أَوْ قَبْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا، سَوَاءٌ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَخَّرَهُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدْخُلُهُ التَّكْفِيرُ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ شَاءَ زَيْدٌ.
وَقَوْلُهُ (أَنَا مُظَاهِرٌ أَوْ عَلَيَّ) الظِّهَارُ (أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ أَوْ) عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ يَلْزَمُنِي (الْحَرَامُ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ أَنَا) عَلَيْك (كَظَهْرِ رَجُلٍ) أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي (مَعَ نِيَّةِ) ظِهَارٍ (أَوْ قَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عَلَيْهِ مِنْ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ (ظِهَارٌ) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ، وَقَدْ نَوَى بِهِ، وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ نَفْسِهِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَشْبِيهَ نَفْسِهِ بِأَبِيهِ يَلْزَمُ مِنْهُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ كَمَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ (وَإِلَّا) يَنْوِ ظِهَارًا وَلَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ (فَلَغْوٌ) (كَ) قَوْلِهِ (أُمِّي) امْرَأَتِي (أَوْ أُخْتِي أَوْ أُخْتِ امْرَأَتِي أَوْ مِثْلِهَا) أَيْ: أُمِّي أَوْ أُخْتِي أَوْ مِثْلِ امْرَأَتِي؛ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَغْوٌ مُطْلَقًا - وَإِنْ أَوْهَمَ التَّفْصِيلَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ لِأُمِّهِ وَوَصْفٌ لَهَا، وَلَيْسَ بِوَصْفٍ لِامْرَأَتِهِ.
(وَ) كَقَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ) فَلَيْسَ ظِهَارًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ، (وَ) كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ (وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ) فَلَغْوٌ نَصًّا (وَكَالْإِضَافَةِ) أَيْ: إضَافَةِ التَّشْبِيهِ أَوْ التَّحْرِيمِ (إلَى نَحْوِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَرِيقٍ وَلَبَنٍ وَدَمٍ وَرُوحٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ) بِأَنْ قَالَ: شَعْرُك أَوْ ظُفْرُك إلَى آخِرِهِ كَظَهْرِ أُمِّي؛ أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفْرُك إلَى آخِرِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَهُوَ لَغْوٌ، كَمَا سَبَقَ فِي الطَّلَاقِ.
(وَلَا ظِهَارَ إنْ قَالَتْ) امْرَأَةٌ (لِزَوْجِهَا) نَظِيرَ مَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا لَوْ قَالَهُ (أَوْ عَلَّقَتْ بِتَزْوِيجِهِ نَظِيرَ مَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا) لَوْ قَالَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٢] فَخَصَّهُمْ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ قَوْلٌ يُوجِبُ تَحْرِيمًا فِي النِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute