للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَرَّحَ بِأَنَّ إجَازَةَ الْمَرِيضِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ مِنْ ثُلُثِهِ تَبَعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ أَنَّ الْإِجَازَةَ تَنْفِيذٌ؛ أَيْ: لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ وَهُنَا اُعْتُبِرَتْ مِنْ الثُّلُثِ كَعَطِيَّةٍ مُبْتَدَأَةٍ؛ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا فِيمَا تَقَدَّمَ تَنْفِيذٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُجِيزُ صَحِيحًا، وَهُنَا فِيمَا إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ؛ فَلَا مُنَافَاةَ (وَكَإِذْنِ) مَرِيضٍ (فِي قَبْضِ هِبَةٍ) وَهَبَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَ (لَا) تُعْتَبَرُ مُحَابَاةٌ فِي (خِدْمَتِهِ) مِنْ الثُّلُثِ بِأَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ، ثُمَّ مَرِضَ فَأَمْضَاهَا، بَلْ مُحَابَاتُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْفَسْخَ إذَنْ لَيْسَ بِتَرْكِ مَالٍ.

(وَالِاعْتِبَارُ بِكَوْنِ مَنْ وَصَّى) لَهُ بِوَصِيَّةٍ (أَوْ وَهَبَ لَهُ) هِبَةً مِنْ قِبَلِ مَرِيضٍ (وَارِثًا أَوْ لَا عِنْدَ الْمَوْتِ) - أَيْ: مَوْتِ الْمُوصِي وَالْوَاهِبِ - فَمَنْ وَصَّى لِأَحَدِ إخْوَتِهِ، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِوَارِثٍ.

وَإِنْ وَصَّى أَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ أَخَاهُ، وَلَهُ ابْنٌ، فَمَاتَ قَبْلَهُ؛ وَقَفَتَا عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.

(وَ) الِاعْتِبَارُ (بِإِجَازَةِ) الْوَصِيَّةِ أَوْ الْعَطِيَّةِ مِنْ قِبَلِ الْوَرَثَةِ (أَوْ رَدٍّ) مِنْهُمْ لِأَحَدِهِمَا (بَعْدَهُ) - أَيْ: بَعْدَ الْمَوْتِ - وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ لَا عِبْرَةَ بِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ هُوَ وَقْتُ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ، وَالْعَطِيَّةُ فِي مَعْنَاهَا.

(وَمَنْ أَجَازَ) مِنْ الْوَرَثَةِ هِبَةً فِي الْمَرَضِ أَوْ وَصِيَّةً، وَكَانَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ جُزْءًا (مَشَاعًا) كَنِصْفٍ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ قَالَ) الْمُجِيزُ: (إنَّمَا أَجَزْت) ذَلِكَ (لِأَنِّي ظَنَنْته) - أَيْ: الْمَالَ - الْمُخَلَّفَ (قَلِيلًا) ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ كَثِيرٌ (قُبِلَ) قَوْلُهُ ذَلِكَ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ، وَالظَّاهِرُ مَعَهُ (فَيَرْجِعُ) الْمُجِيزُ (بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ) لِإِجَازَتِهِ مَا فِي ظَنِّهِ، فَإِذَا كَانَ الْمَالُ أَلْفًا وَظَنَّهُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَالْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ؛ فَقَدْ أَجَازَ السُّدُسَ، وَهُوَ خَمْسُونَ؛ فَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَيْهِ مَعَ ثُلُثِ الْأَلْفِ، فَلِمُوصَى لَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>