وَ (لَا) تَبْطُلُ بِمَوْتِ (أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ أَوْ تَلَفِ أَحَدِ الْقَوْسَيْنِ) ، وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ؛ كَمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ
(وَ) يَحْصُلُ (سَبَقٌ فِي خَيْلٍ مُتَمَاثِلَتَيْ الْعُنُقِ بِرَأْسٍ، وَفِي مُخْتَلِفَيْهِمَا) - أَيْ: الْعُنُقَيْنِ بِكَتِفٍ - (وَ) فِي (إبِلٍ بِكَتِفٍ) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالرَّأْسِ هُنَا مُتَعَذِّرٌ، فَإِنَّ طَوِيلَ الْعُنُقِ قَدْ يَسْبِقُ رَأْسُهُ لِطُولِ عُنُقِهِ، لَا بِسُرْعَةِ عَدْوِهِ، وَفِي الْإِبِلِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَفِيهَا مَا يَمُدُّ عُنُقَهُ، فَرُبَّمَا سَبَقَ رَأْسُهُ لِمَدِّ عُنُقِهِ لَا بِسَبْقِهِ، فَإِنْ سَبَقَ رَأْسُ قَصِيرِ الْعُنُقِ فَقَدْ سَبَقَ بِالضَّرُورَةِ، وَإِنْ سَبَقَ رَأْسُ طَوِيلِ الْعُنُقِ بِأَكْثَرَ مِمَّا بَيْنَهُمَا فِي طُولِ الْعُنُقِ؛ فَقَدْ سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِهِ فَلَا سَبْقَ، وَبِأَقَلَّ فَالْآخِرُ سَابِقٌ
(وَإِنْ شَرَطَ الْمُتَسَابِقَانِ) السَّبَقَ بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ كَأَنْ شَرَطَاهُ بِأَقْدَامٍ مَعْلُومَةٍ؛ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ، وَلَا يَقِفُ الْفَرَسَانِ عِنْدَ الْغَايَةِ بِحَيْثُ يُعْرَفُ مَسَافَةُ مَا بَيْنَهُمَا
(وَتُصَفُّ الْخَيْلُ فِي ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ صَفًّا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقُولُ مُرَتِّبُهَا: هَلْ مِنْ مُصْلِحٍ لِلِّجَامِ أَوْ حَامِلٍ لِغُلَامٍ أَوْ طَارِحٍ لِجَلٍّ؟ فَإِذَا لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَلَّاهَا) - أَيْ: أَرْسَلَهَا - (عِنْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ) ؛ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، عَنْ عَلِيٍّ: " قَدْ جَعَلْتُ لَكَ هَذِهِ السِّبْقَةَ بَيْنَ النَّاسِ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ، فَدَعَا سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ إنِّي قَدْ جَعَلْتُ إلَيْكَ مَا جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُنُقِي مِنْ هَذِهِ السِّبْقَةِ فِي عُنُقِكَ، فَإِذَا أَتَيْتَ الْمِيطَانَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِيطَانُ مُرْسِلُهَا مِنْ الْغَايَةِ، فَصُفَّ الْخَيْلَ، ثُمَّ نَادِ هَلْ مِنْ مُصْلِحٍ لِلِجَامٍ أَوْ حَامِلٍ لِغُلَامٍ أَوْ طَارِحٍ لِجَلٍّ؟ فَإِذَا لَمْ يُجِبْكَ أَحَدٌ، فَكَبِّرْ ثَلَاثًا؛ ثُمَّ خَلِّهَا عِنْدَ الثَّالِثَةِ، فَيُسْعِدُ اللَّهُ بِسَبَقِهِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ " وَكَانَ عَلِيٌّ يَقْعُدُ عِنْدَ مُنْتَهَى الْغَايَةِ يَخُطُّ خَطًّا، وَيُقِيمُ رَجُلَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ عِنْدَ طَرَفَيْ الْخَطِّ بَيْنَ إبْهَامَيْ أَرْجُلِهِمَا، وَتَمُرُّ الْخَيْلُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ لِيَعْرِفَ السَّابِقَ، وَيَقُولُ لَهُمَا: إذَا خَرَجَ أَحَدُ الْفَرَسَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِطَرَفِ أُذُنَيْهِ أَوْ أُذُنٍ أَوْ عِذَارٍ فَاجْعَلُوا السِّبْقَةَ لَهُ، فَإِذَا شَكَكْتُمَا فَاجْعَلُوا أَسْبَقَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ".
وَهَذَا الْأَدَبُ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute