(وَهِيَ) - أَيْ: شُرُوطُ الصَّلَاةِ - تِسْعَةٌ: (إسْلَامٌ، وَعَقْلٌ، وَتَمْيِيزٌ) ، وَهَذِهِ شُرُوطٌ لِكُلِّ عِبَادَةٍ غَيْرِ الْحَجِّ فَيَصِحُّ مِمَّنْ لَمْ يُمَيِّزْ، وَيَأْتِي (وَ) الرَّابِعُ: (طَهَارَةٌ مَعَ قُدْرَةٍ) ، لِحَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» ، و (الْخَامِسُ: دُخُولُ الْوَقْتِ) لِصَلَاةٍ مُؤَقَّتَةٍ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ هُنَا، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَوَاقِيتِ.
قَالَ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دُلُوكُهَا: إذَا فَاءَ الْفَيْءُ، قَالَ عُمَرُ: الصَّلَاةُ لَهَا وَقْتٌ شَرَطَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ، وَهُوَ حَدِيثُ «جِبْرِيلَ حِينَ أَمَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ» فَإِنْ قِيلَ: الْخَمْسُ لَمْ تَجْتَمِعْ لِغَيْرِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْف قَالَ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا هِيَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا كُلُّ فَرْدٍ عَلَى حِدَتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِهِ، لِمَا وَرَدَ «إنَّ الصُّبْحَ كَانَ لِآدَمَ، وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ، وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ» صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
(وَتَجِبُ) صَلَاةٌ (مَكْتُوبَةٌ بِدُخُولِ أَوَّلِهِ) - أَيْ: الْوَقْتِ - فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِمَعْنَى أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ يَفْعَلُهَا إذَا قَدَرَ، لِأَنَّ الْوَقْتَ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ، وَهُوَ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ؛ إذْ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ الْخِطَابُ، (وَهُوَ) - أَيْ: الْوَقْتُ - (لِظُهْرٍ) ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي وَسَطِ النَّهَارِ، وَالظُّهْرُ لُغَةً: الْوَقْتُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَشَرْعًا: صَلَاةُ هَذَا الْوَقْتِ (وَهِيَ أُولَى الصَّلَوَاتِ) لِبُدَاءَةِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْبُدَاءَةِ بِهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ ظَهَرَ أَمْرُهُ، وَسَطَعَ نُورُهُ مِنْ غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute