للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ أَوْ الْمَرْأَةَ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ، ثُمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: ١٢] إلَى قَوْلِهِ {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: ١٣] » رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ مَعْنَاهُ وَقَالَا فِيهِ: " سَبْعِينَ سَنَةً ".

وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ بِالْخِلَافَةِ لِعُمَرَ، وَوَصَّى بِهَا عُمَرُ إلَى أَهْلِ الشُّورَى.

وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَوْصَى إلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانَ يَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَى أَيْتَامِهِمْ مِنْ مَالِهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَوْتِ مُخْرِجٌ لِلْوَكَالَةِ، وَلَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِعَدَمِ دَلِيلِ وُجُوبِهَا، وَلَا لِقَرِيبٍ. وَآيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: ١٨٠] مَنْسُوخَةٌ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَالْحَدُّ السَّابِقُ لِأَحَدِ نَوْعَيْ الْوَصِيَّةِ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَ) الْوَصِيَّةُ (بِمَالٍ: التَّبَرُّعِ بِهِ) - أَيْ: الْمَالِ - (بَعْدَ الْمَوْتِ) ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ؛ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَعْمَلُ بِالْخَطِّ إذَا عَرَفَ.

(وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا) - أَيْ: الْوَصِيَّةِ - (الْقُرْبَةُ؛ لِصِحَّتِهَا لِنَحْوِ حَرْبِيٍّ) بِدَارِ حَرْبٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ كَمَا تَصِحُّ هِبَتُهُ، فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ كَالذِّمِّيِّ.

(وَ) تَصِحُّ (لِمُرْتَدٍّ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَيَأْتِي.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مُطْلَقَةً كَأَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَ) تَصِحُّ (مُقَيَّدَةً كَإِنْ مِتُّ فِي مَرَضِي) هَذَا (أَوْ بَلَدِي) هَذَا أَوْ عَامِي (هَذَا) فَلِزَيْدٍ كَذَا؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْلِكُ تَنْجِيزَهُ، فَمَلَكَ تَعْلِيقَهُ كَالْعِتْقِ.

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ مُوصٍ وَوَصِيَّةٌ وَمُوصَى بِهِ وَمُوصَى لَهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (مِنْ كُلِّ) إنْسَانٍ (عَاقِلٍ) رَشِيدٍ (لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ) . قَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>