لِلْمُخَالِفِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ التَّزْوِيجَ إلَى الشَّاهِدَيْنِ، لَا إلَى حُكْمِهِ، وَلَمْ يُجِبْهَا إلَى التَّزْوِيجِ، لِأَنَّ فِيهِ طَعْنًا عَلَى الشُّهُودِ، لَكِنَّ اللِّعَانَ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا لِأَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَهُ لِسِتْرِ الزَّانِيَةِ وَصِيَانَةِ النَّسَبِ، فَتَعَقَّبَهُ الْفَسْخُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ إلَّا بِهِ، وَلَيْسَ كَمَسْأَلَتِنَا (وَيَجِبُ امْتِنَاعُهَا مِنْهُ) مَا أَمْكَنَهَا (فَإِنْ أَكْرَهَهَا وَوَطِئَهَا فَهُوَ الْآثِمُ) لَا هِيَ؛ لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ (وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا) ؛ أَيْ: الْمَرْأَةِ الْمَحْكُومِ بِنِكَاحِهَا لِرَجُلٍ بِبَيِّنَةٍ زُورٍ (غَيْرَهُ) لِخُلُوِّهَا مِنْ النِّكَاحِ.
(وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِشُهُودِ زُورٍ، فَهِيَ زَوْجَةٌ بَاطِنًا نَصًّا، وَيُكْرَهُ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهَا ظَاهِرًا) خَوْفًا مِنْ مَكْرُوهٍ يَنَالُهُ لِسَبَبِ طَعْنِهِ عَلَى الْحَاكِمِ (وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِالْحَالِ) مِنْ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا، لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَةِ الْأَوَّلِ.
(وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ، أَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ؛ عَمِلَ) الْمُجْتَهِدُ (بِالْحُكْمِ حَتَّى بَاطِنًا، لَا بِاجْتِهَادِهِ) لِرَفْعِ حُكْمِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَحْكُومِ (بِهِ وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ لَحْمًا مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ) عَمْدًا (فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ) ؛ أَيْ: الْبَيْعِ حَاكِمٌ (شَافِعِيٌّ نُفِّذَ حُكْمُهُ) فَيَدْخُلُ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا، وَكَذَا إنْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ لِحَنْبَلِيٍّ بِشُفْعَةِ جِوَارٍ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْإِمَامِ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِشُفْعَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَهُوَ فِي حَالِ طَلَبِهِ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ طَلَبِ شَيْءٍ وَبَيْنَ اعْتِقَادِهِ تَحْرِيمَهُ.
قَالَ: لَكِنْ لَوْ كَانَ الطَّالِبُ غَيْرَهُ أَوْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ بِحُكْمٍ أَوْ قَسْمٍ فَهُنَا يَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِالْحِلِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ) ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِعَدَالَتِهِ، وَيَلْزَمُ الصَّوْمُ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ (كَرَدٍّ) بِشَهَادَةِ (مَنْ شَهِدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute