لِلْآيَةِ، «وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِغُرَمَاءِ الَّذِي كَثُرَ دَيْنُهُ؛ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» .
(فَإِنْ ادَّعَى) مَدِينٌ (الْعُسْرَةَ) ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّ الدَّيْنِ، (وَدَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ مَالِيٍّ كَثَمَنِ) مَبِيعٍ (وَ) ؛ بَدَلِ (قَرْضٍ وَأُجْرَةِ) مَأْجُورٍ، حُبِسَ، (أَوْ) كَانَ دَيْنُهُ (عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَالِيٍّ؛ كَمَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ) وَضَمَانٍ (وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ، وَ) كَانَ الْمَدِينُ (أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ، أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ - وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ - حُبِسَ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَالِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ) مَدِينٌ (بَيِّنَةً بِالْإِعْسَارِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِإِعْسَارِهِ (أَنْ تَخْبُرَ بَاطِنَ حَالِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعْسَارَ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا فِي الْغَالِبِ إلَّا الْمُخَالِطُ لَهُ، لَا يُقَالُ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ؛ فَلَا تُسْمَعُ؛ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ لَا تُرَدُّ مُطْلَقًا؛ إذْ لَوْ شَهِدَتْ؛ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ؛ قُبِلَتْ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ النَّفْيَ، فَهِيَ تُثْبِتُ حَالَةً تَظْهَرُ وَتَقِفُ عَلَيْهَا الْمُشَاهَدَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْهَدُ بِهِ حَالَةً يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَتِهِ.
(وَلَا يَحْلِفُ مَدِينٌ مَعَهَا) ، أَيْ: مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِإِعْسَارِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ الْبَيِّنَةِ، (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَدَّعِيَ نَحْوَ تَلَفٍ) لِمَالِهِ وَنَفَادِهِ فِي نَفَقَةٍ أَوْ وَضِيعَةٍ، (وَيُقِيمُ بِهِ) ؛ أَيْ: التَّلَفِ وَنَحْوِهِ (بَيِّنَةً) ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ تَخْبُرَ بَاطِنَ حَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ وَالنَّفَادَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَنْ خَبِرَ بَاطِنَ حَالِهِ وَغَيْرُهُ؛ (وَيَحْلِفُ) الْمَدِينُ (مَعَهَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِتَلَفِ مَالِهِ وَنَحْوِهِ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ) ، إنْ طَلَبَ رَبُّ الْحَقِّ يَمِينَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ غَيْرُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، (وَيَكْفِي فِي الْحَالَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ بِالتَّلَفِ أَوْ الْإِعْسَارِ) يَعْنِي يَكْفِي فِي الْإِعْسَارِ أَنْ تَشْهَدَ بِهِ، وَفِي التَّلَفِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، (وَتُسْمَعَ) بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ أَوْ التَّلَفِ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ حَبْسِ) الْمَدِينِ؛ كَمَا تُسْمَعُ (بَعْدَهُ) - وَلَوْ بِيَوْمٍ - لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ جَازَ سَمَاعُهَا بَعْدُ جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute