(وَصَحَّ قَبُولُ وَصِيٍّ) الْإِيصَاءَ إلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَصَحَّ قَبُولُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْوَكَالَةِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ؛ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي وَقْتٍ، فَلَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ، وَيَصِحُّ الْقَبُولُ أَيْضًا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ وَصِيَّةٍ، فَصَحَّ قَبُولُهَا إذَنْ كَوَصِيَّةِ الْمَالِ.
(وَ) لِلْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ) مَتَى شَاءَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ (فِي حَيَاةِ مُوصٍ وَبَعْدَ مَوْتِهِ) وَفِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ.
هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ: أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبُولِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ. (وَيَتَّجِهُ وَلَا يَعُودُ) مَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ (وَصِيًّا بِلَا عَقْدٍ) جَدِيدٍ؛ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْوِصَايَةِ بِاخْتِيَارِهِ، كَالْوَكِيلِ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ هُنَا تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، فَافْتَقَرَ عَوْدُهُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُوصِي إنْ كَانَ مَوْجُودًا، أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُوصِي، وَأَمَّا هُنَاكَ فَإِنَّهُ مُنِعَ مِنْ تَعَاطِي الْوِصَايَةِ لِطُرُوِّ تَغَيُّرِ حَالِهِ؛ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ إلَى إيصَائِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلِمُوصٍ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ) كَالْمُوَكَّلِ.
تَتِمَّةٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُوصِي أَوْ الْحَاكِمُ لِلْوَصِيِّ جُعْلًا مَعْلُومًا كَالْوَكَالَةِ، وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْمُوصَى لَهُ نَافِذَةٌ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ، فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِمْ، بِخِلَافِ مُقَاسَمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ فَإِنَّهَا لَا تَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute